المهاترات التي تجري في لبنان بين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، والتكتلات التي تتم على هذا الجانب او ذاك، تبدو للوهلة الاولى مخجلة سواء في نوعية الخطاب الذي تتبناه، ام في مضمونه.
غير انها بالرغم من كل سلبيتها تعكس تطورين قد يكونا ايجابيين:
الاول ان التكتل الحاصل حاليا يقسم التركيبة الطائفية على الجانبين: فها هي الطائفة الدرزية تنقسم بينهما، وها هم المسيحيون يتوزعون كذلك، في حين ياتي خطاب البطريرك الماروني نصرالله صفير على قدر كبير من الاعتدال الذي قد يتجاوز المواقف السابقة للمرجع المعنوي الكبير، اعتدال يكتسب اهمية اكبر اذ ياتي بعد لقائه برئيس الجمهورية اميل لحود.
اما الجانب الايجابي الاخر، فهو ان كلا من الطرفين قد وجد ان اسوأ ما يتهم به خصمه، هو التعامل مع اسرائيل او مع بقايا ميليشيات انطوان لحد. وفي ذلك دليل على كون هذا الجانب ما يزال في الوجدان الشعبي اكبر الامور المرفوضة والمكروهة.
واذا كانت مسألة تعديل الدستور مرفوضة، لانها تقضي على مبدأ تداول السلطة الذي يقع في اساس الديمقراطية، فان استغلال الخطأ لتمرير خطأ اكبر هو مسأالة الضغط على سوريا وعلى حزب الله تحقيقا للمخطط الاميركي، الصهيوني هوامر مرقوض ايضا.
اخطأت سوريا ومؤيديها بالضغط لتعديل الدستور وكان من الافضل ان تمارس اللعبة السياسية الديمفراطية بذكاء للمجيء برئيس يسير في خط الرئيس لحود، ولنقلها بصراحة في خط التحالف مع سوريا، لان هذا التحالف هو الان ضرورة ملحة للبلدين، ولن يعني انفراطه الا سقوط لبنان في الحضن الاسرائيلي، وربما عودة الحرب الاهلية مع مجموعة من الموتورين الذين لا يخجلون من اقامة جمعيات مشتركة مع الصهاينة في الولايات المتحدة ومن عرض صفقات مضمونها: نضغط معكم باتجاه التخلص من حزب الله ومن المقاومة، وتضغطون معنا باتجاه التخلص من سوريا.
هذا التواطؤ لم يعد سرا بعد ان نشرت الصحف الغربية تفاصيله. ولكن، التعامل معه يجب ان يتم بقدر اكبر من الذكاء. وبقدر اكبر من احترام الواقع الديمقراطي، خاصة في ظل الظروف الدولية والاقليمية والعربية القائمة.كي لايوضع بيد الاعداء سلاح اضافي في الحرب على اخر هدف للمخطط في سوريا الطبيعية. ينتقلون بعده الى السعودية ومن ثم مصر. ليتحقق الاجهاز الكلي.
مما يقودنا الى السؤال هل تعي مصر، الشقيقة الكبرى خطورة ما يخطط لها هي الاخرى؟
وهل تعي بان موقفها المائع الذي يكرر مع سوريا ما فعله مع العراق ليس الا خطوة على طريق عبوديتها هي الاخرى؟
