لماذا وقع الاختيار على الشلبي ليرأس محاكمة صدام حسين؟
هذا المحامي العراقي الذي ظل لسنوات طويلة يعمل في مكتب محاماة لمحام اسرائيلي معروف بقربه من الليكود ومن شارون بالذات، اهو الشخص الذي يحق له محاكمة الرئيس العراقي؟
في نيويورك كان مارك زيل يدير شركة محاماة مع الشلبي، تحت اسم زيل غولدبرغ اند كو، واستمرت الشراكة الى ان استدعى ارييل شارون المحامي الاسرائيلي لمهمة اخرى، عندها اسس الشلبي شركته باسم ايراك انترناشيونال لو غروب، وحملها مع قوات الاحتلال الى فندق فلسطين حيث استقرت فترة قبل ان ينتقل الى مقر القوات المحتلة. ومن ثم يكلف برئاسة المحكمة التي ستتولى محاكمة الرئيس والقياديين المعتقلين.
بحكم القانون، اي قانون، هذا الرجل يمكن ان يخضع هو للمحاكمة، فالعراق كان وما يزال حتى اللحظة (قانونيا) في حالة حرب مع اسرائيل، وبذلك يعتبر تعاون مواطن عراقي مع اخر اسرائيلي في حكم الخيانة العظمى، الاتصال بالعدو. فكيف يحق لمتهم بجريمة كهذه ترؤس محكمة واصدار الاحكام؟
هذا من حيث القانون الاصم، اما من حيث السياسة، فالقضية اوسع واخطر بكثير: انها تعني ان محاكمة الرئيس والقيادة العراقية قد اعدت في مكتب محاماة اسرائيلي، وحمل ملفها الكامل لمحام عراقي ارسل به الى العراق.
السيناريو كله مرسوم لحظة بلحظة، خطوة بخطوة، و ثمة تسريبان صغيران يدلان على ذلك، ففي العقد الذي وقعه الشلبي مع البريطانيين حول المحاكمة ورد بند يستعرض تفاصيل غرفة الاعدام، مما يعني ان اللحظة الاخيرة من المسرحية المنظمة، مرسومة بالكامل. اما الثاني فهو نصيحة ريتشارد بروسبر المسؤول عن جرائم الحرب في البنتاغون للشلبي بان عليه ان يعمل لاثارة اكبر ضجة اعلامية ممكنة حول القضية.
اذن الغاية من العملية هي اولا الضجة الاعلامية، اضافة الى الاهداف الاخرى الكثيرة. ولذلك يراد للمحاكمة ان تؤخر عامين على الاقل، تتم مشاغلة العراقيين فيها بمحاكمة مسؤولين اخرين بدءا بعلي حسن المجيد وطارق عزيز. لماذا هذان ؟
الدوائر الغربية تقول ان هذا الاختيار يقوم على سهولة اثبات الجرائم على الاول، مما يمنح مصداقية للمحكمة وللاميركيين، ويشكل مادة ممتازة للتهويل الاعلامي يعطي التبرير للغزو ويعيد الى اذهان العراقيين جرائم النظام السابق مما يخفف حدة المقاومة، في حين يقوم بالنسبة للثاني على ما له من سمعة دولية تؤمن الاهتمام الدولي بالمحاكمة، من الاعلام الى الدوائر السياسية.
وخلال هذين العامين تتوقع الدوائر الاميركية الصهيونية ان يكون الحكم العراقي الجديد قد اكتسب مشروعية واستقرارا، وان يكون الرئيس الاسير قد انهك وتهاوى.
وربما يكون الشلبي قد توصل الى اقناع قضاة عراقيين بالانضمام اليه، اذ انه لم يتمكن حتى الان، ورغم المبالغ الهائلة التي يعرضها على هؤلاء الا من ستة قضاة من اصل ثلاثين يحتاجهم، كما نشرت مجلة التايم لهذا الاسبوع.
وفي غضون ذلك يقول انه يحتاج الى سبعة عشر الف رجل، احد عشر منهم للامن، والى تمويل كبير امنت منه الولايات المتحدة 74 مليونا للعام الاول، الا ان الشلبي يطالب الكويت بتقديم مبالغ اخرى، في الوقت الذي يفتح فيه مزادا دوليا جعل البي بي سي تعرض عليه خمسمئة مليون دولار لقاء فيلم من ستين دقيقة عن المحاكمة، وبعد ذلك تعترف بفشلها في منافسة الشركات الاميركية.
فهل ستشكل هذه المحاكمة الاسرائيلية لقيادة عربية تجرأت على اسرائيل بئر نفط سياسية، اعلامية، واستثمارية للمحتلين ولعملائهم؟ ام ان حسابات الحقل الاسرائيلي يمكن ان تسقط على بيدر المقاومة؟