طلاق ام تأهيل؟ ام قدر العملاء؟

صحيفة الدستور، 12-05-2004

ثمة ما هو اكبر من الشماتة المحدودة الافق، ثمة ما هو بحجم الاسئلة الكبرى المتعلقة بالحدث السياسي وبمنطق التاريخ : ما حدث لاحمد الشلبي في العراق يؤكد حقيقة تاريخية، ولكنه، ومن باب الحذر ايضا، يقود الى طرح بعض الاسئلة.

الحقيقة التاريخية هي انه ما من عميل في تاريخ السياسة والحروب الا وانتهى الى مزبلة من يستعمله سواء كان شخصا عاديا، او سياسيا كبيرا ام حتى رئيس دولة، افليس من طابع السياسة الاميركية ان تتخلى عن »حلفائها« عندما ينتهي دورهم ؟ هل نسي الناس نهاية شاه ايران، او رئيس الفليبين على سبيل المثال؟

الشلبي ليس افضل من هؤلاء، وقد ادى دوره في تقديم التبرير لغزو الاميركيين للعراق واحتلاله، فلماذا لا يكون الان منديل الورق الذي تمسح به الادارة مسرحية انخداعها باكذوبة قصة اسلحة الدمار الشامل ؟

مؤكد ان الادارة كانت تعرف ان لا اسلحة ولا شامل، فرجالها كانوا ضمن فرق التفتيش، ومسؤولو تلك الفرق اكدوا ذلك مرارا، لكن لماذا لا يلقى بالاكذوبة على عاتق المعارضة العراقية ؟ لماذا لا يمسح ذنب العراق بذقون عراقيين ؟

غير ان ما يتجاوز هذا الرضى الداخلي الذي لا يستطيع واحدنا الا وان يستشعره ازاء ما يحصل للشلبي، بل و ان يتمنى شموله جميع الذين ساهموا في كنس الطريق امام احتلال بلادهم وانتهاك شعبهم، ما يتجاوز ذلك هو بعض من الاسئلة التي تتعلق بالمستقبل الخطير.

اذا كانت الادارة الاميركية نفسها الان في مأزق، ومن طبيعة المأزوم ان يحاول تصدير مأزقه برميه على من هم شركاؤه في الجريمة، وذاك ما يطال عادة الشركاء الاضعف، فمن الذي يستفيد من هذا المأزق ؟ ومن الذي يمكن له ان يقوم بتفعيله ؟ مما يستتبع سؤالين : ما علاقة ذلك بالمعركة الرئاسية الاميركية ؟ واين دور اللوبي اليهودي واسرائيل في كل ذلك ؟

هل قرر اللوبي اليهودي التخلص من جورج بوش وفريقه، كما قرر هذا الفريق التخلص من احمد الشلبي ؟

هل ان المرحلة المقبلة تتطلب الانتهاء من كل الذين تلوثت ايديهم حد الفضيحة بوسخ الحرب، للاتيان بادارة جديدة، تحمل وجها قد يكون مقبولا اكثر – دون ان يعني ذلك انه افضل- لتنفيذ مخططات ما بعد الحرب ؟

هل يترجم ذلك بمجيء جون كيري وفريق ديمقراطي جديد في واشنطن، ومجيء طاقم اخر جديد من الاسماء العراقية التي قد نفاجأ بان بينها عددا من اسماء البعثيين السابقين، او من الذين كانوا مسؤولين في عهد الرئيس صدام حسين، على ان يختاروا من بين الذين لا احقاد ضدهم ؟

وعندها يكون بامكان هذه التركيبة الجديدة ان تشرع الوجود الاميركي من احتلال مباشر فسري الى احتلال بطلب من الحكومة العراقية لغايات حفظ الامن واعادة الاعمار، وعندها قد تتم انتخابات شكلية مرتبة يؤتى فيها بهيئة تمثيلية جديدة يكون من اول مهامها اقرار معاهدة سلام مع اسرائيل، وتحويل الوجود الاسرائيلي المستشري حاليا الى وجود علني في اطار خطة التطبيع ؟

خطة لن توفر أي مجالات من مجالات الحياة والثروة العراقية، وان كانت ستركز بشكل رئيسي على الاقتصاد والثروات الطبيعية ، خاصة المياه، ولعل في الاشارة التركية قبل ايام الى ان موضوع بيع المياه الى اسرائيل لن تحسم قبل سنتين ما يؤشر الى اتجاه معين في التحليل

وهنا يبرز جانب لا بد وان يتبلور في نهاية الامر وهو مسألة التقاسم بين الاميركيين والاسرائيليين، والسؤال حول ما اذا كانت ستتم بهدوء ووفاق : ولا ننسى ان الشلبي رجل اسرائيل بقدر ما هو رجل بنتاغون رامسفيلد، لكنه ليس رجل السي اي ايه التي تخلت عنه منذ امد بعيد . فهل طالته اللعنة ؟

المهم ان هؤلاء كل هؤلاء قد اجتلبوا لعنة شعبهم حاضرا ومستقبلا، لعنة التاريخ !.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون