ليس البعبع الاميركي الان في وضع يمكنه من القاء الرعب في قلوب من يهددهم، لكن الرعب، على ما يبدو قد استوطن لا في القلوب فحسب بل وشل الركب.
وربما يكون من الخطأ ان نبرر كل ما يفعله زعماؤنا من انصياع للاميركيين بالرعب، ففي ذلك عذر ضمني لهم ، وتخفيف من مسؤوليتهم، ذاك ان اغلبهم يتعامل بقناعات ومشاعر لا تختلف كثيرا عما في قلب كونداليزا رايس.
اوليس ادل على ذلك انهم لم يتحركوا في محاولة للتململ من مطلب اميركي الا عندما مس هذا المطلب كراسيهم ومصالحهم؟
وحتى هذا التحرك، الم يقتصر على مجرد البحث عن وسائل، وتوسل بدائل تضمن بقاءهم حيث هم، على رؤوسنا وفوق ظهورنا؟
الكرامة استفاقت وعلا الصوت برفض اصلاحات مفروضة من الخارج، ولكن البديل هو المباشرة باصلاحات نابعة من الداخل ، فاين هي؟
ساذج او متآمر كل من يعتقد بان الولايات المتحدة تريد اصلاحات ديمقراطية حقيقية في المنطقة، وذلك بحكم معادلة بسيطة جدا: الديمقراطية تعني صناديق الاقتراع، تعني الخيار الشعبي، وفي صناديق الاقتراع سيكون المعيار الاهم في عملية الاختيار هو كراهية اميركا، هذه الكراهية التي بلغت الان ما لم تبلغه في تاريخها، والنتيجة انه لن يصل الى الحكم الا من هم معادون للامبراطورية، فهل يمكن ان تحفر هذه قبرها بيدها؟ هل يعقل ان تعمل على اقامة نظام يعاديها؟
اما الأنظمة فهي تعرف ان شعوبها لا تريدها ولذلك تركض مولولة مستجدية الى الاخرين، فلو كان لدينا هوغو شافيظ، لفشل الاميركيون بازاحته، لان جماهير شعبه اعادته على الاكتاف بعد نجاح الانقلاب الاميركي عليه بساعات.
لو كان لدينا هوشي منه لقاتل الناس وراءه وحموه من الاميركيين وسواهم، لو كان تاريخنا يعود إلينا بصلاح الدين لاختلفت اوضاعنا كثيرا.
لكننا لن نذهب الى هذا الطموح فهو كثير الان، ويكفينا ان نحلم للعراق بحسن نصرالله او بأحمد ياسين او بجورج حبش او حتى بمروان البرغوثي، وسيكون طريق تغيير اوضاعنا كلها قد انفتح من حيث ارادت الامبراطورية الصهيونية اقفاله.
تغيير قد يقود هذه الشعوب الغافية الى التحرك، لكن اليس ذلك ما يخشاه الجميع ويتآمرون عليه؟
لكن ظرفا موضوعيا نادراً قد تشكل الان، فللانظمة العربية والاسلامية مصلحة في استمرار المقاومة في العراق لان ذلك يشغل الاميركيين عنها ويؤجل تهديداتهم لها، ولكن هذه الانظمة نفسها تخشى من تصاعد الموج في العراق، الم يبدأ الطوفان الاول من هناك؟