ليس ميخائيل وولف سوهن شخصا المانيا عاديا، ولا هو يحتل منصبا عاديا، لا ولا هو يدرس اية مادة، انه اكاديمي مهم يبلغ السادسة والخمسين من العمر و يحتل منذ 1981 كرسي التاريخ المعاصر في جامعة ميونيخ، يحب ان ينعت نفسه بـ »قومي جرماني يهودي« لكن الاخرين ينعتونه بحسب ما تقول صحيفة برلينر زوتنغ بـ »اليهودي المتآمر مع اليمين الراديكالي«.
هذا الاكاديمي الخطير يثير الان ضجة كبرى في المانيا، وذلك بسبب تصريحات غريبة ادلى بها خلال لقاء مع التلفزيون الالماني: »يجب التمييز بين الحرب الوقائية ومكافحة الارهاب، وفي الحالة الثانية يصبح التعذيب امرا مشروعا لان الارهاب امر لا علاقة له بأسس نظامنا المتحضر واذا كنا نريد ان نقاومه باساليب جنتلمان فسنفشل«.
المذيعة لم تصدق اذنيها وسألت الرجل باستغراب: »هل انا ا سمع جيدا؟« وهو يرد ببرود وهدوء: »نعم ياسيدتي انا اصر على ان التعذيب او التهديد بالتعذيب في سياق مكافحة الارهاب هما امران مشروعان«.
كالنار في الهشيم تسارعت اصداء هذا التصريح الخطير، لكن الهشيم الاوروبي يبدو مبلولا بمياه نفوذ اللوبيهات اليهودية، الذي يتكفل على ما يبدو بحماية هذا الصهيووني النازي.
زعيمة الخضر انجيليكا بير قالت انه فقد حقه في التدريس، وتصاعدت اصوات من صفوف اليمين واليسار تطالبه بالاستقالة وتقول انه من الخطير جدا ان ينشر هذا الاستاذ آراءه امام طلابه، اما هو فرد عليهم جميعا بسلسلة من التصريحات التي تبدو متناقضة او متلاعبة بعقل الناس ومنطقهم فتارة يقول بانه قد اسيء فهمه فهو يعتبر التعذيب امرا غير مشروع ولكنه قد يصبح في بعض الحالات مشروعا، وطورا يقول بانه تحدث على التلفزيون بصفة شخصية لا اكاديمية لكنه يحتفظ بحقه في ان يستعرض امام طلابه جميع الخيارات الممكنة عند مناقشة حدث تاريخي وذلك باسم حق الحرية العلمية، وفي كل الحالات يصر على ان استقالته غير واردة.
وزير الدفاع بيتر ستروك قرر استدعاء الاستاذ المذكور لكن التدقيق القانوني افاد بانه لا يملك حق اقالته، واحدى الصحف الفرنسية علقت على الموضوع بالقول ان هذه الاستحالة لا تشبه ما حصل قبل اشهر قليلة عندما قام الوزير نفسه خلال ساعتين فقط وبشحطة قلم باقالة الجنرال رينهارد غينزل لانه اتهم بدعم مرشح انتخابي يميني ذي اراء لاسامية، موقف من الوزير، ام قدرة هنا وعجز هناك؟ ام استجابة لضغوط قاهرة هنا وهناك؟
والحرية العلمية التي يتمسك الاستاذ الجامعي بحقه فيها، هل تعطي أي استاذ تاريخ آخر على سبيل المثال حق مناقشة احداث الحرب العالمية الثانية، واسطورة الهولوكوست؟ هل تعطي أي استاذ اخر حرية مناقشة حق اسرائيل في اغتصاب فلسطين بل وحتى حق مناقشة ممارسات هذه الاخيرة في الاراضي المحتلة؟
هل تعطي احدا حق التصدي لتفسير وتحديد كلمة الارهاب، بحيث لا تعتبر حركات المقاومة ارهابا؟
فعندما تطلق هذه التصريحات بمناسبة قضية الاسرى العراقيين فمعنى ذلك ان التوجه يسير الى نعتهم مثلهم مثل الفلسطينيين وحزب الله بالارهاب، فمن يتصدى لذلك؟
والسؤال الاخطر هو: هل يشكل هذا المهووس ظاهرة فريدة؟
ألم يسبقه وزير الداخلية اوتو شيلي الى تصريح مشابه حين قال: اذا كان احدهم يحب الموت فليتلقاه!
من جهة اخرى : هل هؤلاء هم كل الالمان؟
لا بالتأكيد فثمة امرأة واحدة كتبت ثمانين كتابا عن الحضارة العربية الاسلامية، وثمة مؤرخون يعتبرون مرجعا لكل باحث في تاريخ العلوم والاداب عند العرب، وثمة سياسيون محكومون برعب اللوبي اليهودي و سيف عقدة الذنب النازية، سيف يعمل اليهود كل يوم على شحذه، فماذا نفعل نحن لتعطيل كل ذلك؟
الا نملك على الاقل القدرة على استغلال قصة هذا الاكاديمي اليهودي واثارتها اعلاميا، وايصال احتجاجات قوية الى اسماع الجهات الالمانية؟