مقابل ماذا؟…

صحيفة الدستور، 20-03-2004

هل ستخسر فرنسا وبريطانيا مقعدهما في مجلس الامن؟ ام ستحتفظان به الى جانب مقعد اوروبي ثالث ؟

ولمن سيكون هذا الثالث ؟ لالمانيا مثلا ، بحيث تستعيد بلاد الامبراطورية الجرمانية مكانها على الساحة الدولية، ام ان هذا المقعد سيذهب الى اوروبا الجديدة الموحدة بحيث لا يعود هناك قرار فرنسي وطني او قرار بريطاني وطني مستقل؟

اسئلة تتفاعل على ا لساحات الاوروبية منذ التصويت على تقرير عرف باسم تقرير لاشيت في البرلمان الاوروبي في نهاية شهر كانون الثاني الماضي هذا التقرير الذي سيشكل احد العناوين الحاسمة في صفحات تاريخ اوروبا الموحدة ، ولكن بشكل خاص في تاريخ فرنسا وبريطانيا. اذ انه ينص على المطالبة باستحداث مقعد خاص بالمجموعة الاوروبية في مجلس الامن الدولي يشغله باستمرار وزير خارجية المجموعة.

النواب الاوروبيون وافقوا بأغلبية 367 صوتا لصالح الاقتراح مقابل 26 فقط تحفظوا عليه. والغريب ان نواب الحزب الشيراكي كانوا جميعا من بين المؤيدين.

والسؤال الخطير الذي شغل الدوائر السياسية المهتمة بموضوع العلاقة بين الوحدة والسيادة، بجميع تجلياته ومنها التجلي الحاصل على صعيد السياسة الخارجية ، هو ذلك السؤال المتعلق بمقعدي فرنسا وبريطانيا: فهل يعقل ان يظلا قائمين الى جانب مقعد المجموعة؟ واذا كان المنطق يجيب قطعا بلا فهل يعقل ان تتخلى الدولتان عن اهم مكتسب حققتاه من انتصارهما في الحرب العالمية الثانية؟ واذا حصل فمقابل ماذا؟

لكن الا يقود ارتباط ذلك بالحرب العالمية الثانية الى اقرار واقع سياسي دولي وهو ان عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية قد تهاوى مع تهاوي جدار برلين، واجهز عليه مع الاجهاز على بغداد ومن خلالها على الخليج . وان ثمة معادلة دولية جديدة : عالم القوى الاربع الكبرى قد آل الى عالم القوة العظمى الوحيدة، منذ عام ،1990 لكنه عاد يتجه الان الى عالم حضور القوى الاخرى: الصين ، المانيا ، اليابان و…. اوروبا.

منطق يقود الاقرار به الى نتيجة المطالبة بادخال المانيا واليابان الى مجلس الامن الدولي ، لا الى الغاء صوتين لاوروبا مقابل منحها صوتا واحدا.

جماعات »السيادة« في فرنسا يشنون حملة نشطة للالتفاف على القرار، ويدللون على صحة موقفهم بموقف فرنسا، في مجلس الامن خلال الحرب على العراق، وهو ما عارضتها فيه معظم الدول المرشحة للانضمام الى المجموعة عدا بعض الدول الاعضاء، هذا الموقف الذي اعاد الى باريس ثقلا دوليا كانت افتقدته، ولولاه لكان جنودها يواجهون الموت اليوم في العراق لخدمة الاميركيين، كما يقول بول ماري كوتو النائب الفرنسي في البرلمان الاوروبي ، المتمسك بقضية السيادة.

لكن هذه الجماعات تعرف انها قد لاتستطيع وحدها ان توقف المشروع، ولذلك فهي تراهن على موقف البريطانيين من الموضوع .

فهل تأتي النجدة لباريس من لندن للمرة الثانية منذ نصف قرن؟ وهل ان الملاح الانكيزي وهو يطلق اشرعته في عرض الاطلسي وعينه على اميركا، يرسل عينا اخرى باتجاه المانش؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون