هل انتهى العيد فعلاً كما يقول اينياسيو رامونيه، في افتتاحية لو موند ديبلوماتيك؟
والعيد المقصود هنا هو عيد الولايات المتحدة في امريكا اللاتينية.
فهل انتهى هذا العيد الذي استمر عقدين من الزمن، حافلا بالرقص على انغام العولمة والنيو ليبرالية، لتكون نتيجته الكارثية وقوع نصف عدد السكان في البطالة، وانخفاض الحد الادنى للاجور وهبوط الدخل الوطني الصافي بنسبة 8.0% في كل الجزء اللاتيني من القارة الامريكية. وبلوغ ذلك معدلات اسوأ في دول محددة من مثل الارجنتين حيث يعيش نصف السكان البالغ عددهم سبعة وثلاثين مليونا تحت خط الفقر وحيث انخفض الدخل القومي بنسبة 17%.
هل كانت الاعلانات المدوية بانتهاء العيد متواترة ومدوية مع ارتفاع المد الشعبي ليسقط البيرتو فيوجيموري في البيرو وجميل معوض في الاكوادور وفرناندو دولا روا في الارجنتين على صيحات جماهير ترفع شعارات: لا للعولمة، لا لصندوق النقد الدولي، لا لدفع الدين.
ولتحمل هذه الشعارات الى سدة الحكم من جديد لوسيو غيتريز في الاكوادور وهوغو شافظ في فنزويلا واخيرا الزعيم البرازيلي المعروف بلولا في البرازيل، القوة الرئيسية في الجزء الجنوبي من القارة سواء من الناحية الديموغرافية، (170 مليونا) او من الناحية الاقتصادية حيث تحتل الموقع العاشر على قائمة القوى الصناعية في العالم.
واذا كانت الشعارات البراقة التي حكمت العقدين السابقين، وتمثلت في ثلاثة بنود: استئصال الميليشيات، تعميم الديمقراطية، والانتشار المنهجي لسياسة نيوليبرالية، فإن واسطة العقد في هذه الشعارات، اي الديمقراطية، هو الذي حمل الى الحكم مرشحي الفقراء والزعماء المعادين لواشنطن.
واذا كان ثمة تحالف واضح يلوح في الافق بين لولا وشافظ وكاسترو اي بين اقدم خصم للولايات المتحدة في امريكا واحدث خصم لها، واشد مقاتل ضدها، فإن كل ذلك يشكل نذيرا فعليا بانتهاء العيد فعلا.
انتهاء يقرب موعده او يبتعد بحسب ما يمكن ان يتمخض عنه الصراع الحاد بين انصار هوغو شافظ وخصومه المرتبطين بواشنطن في فنزويلا.
العيد الامريكي مهدد ايضا في آسيا مع اندلاع الازمة الكورية، واسلوب معالجتها من قبل روسيا والصين، فيما لم يشكل مفاجأة، ومن قبل كوريا الجنوبية فيما شكل مفاجأة كبرى للبعيد عن الحالة الآسيوية، هذه الحالة التي تحمل عداء اكبر للولايات المتحدة في سائر دول القارة القديمة.
العيد الامريكي مهدد في اوروبا، وان تكن نهايته ابعد وابطأ، لكن نذره واضحة من المانيا الى بلجيكا ومن اعداء العولمة الى دعاة الاستقلالية.
ويبقى العيد مستتبا وحافلا لدينا نحن، في الخيمة العربية الكريمة التي تدار فيها فناجين القهوة المرة ثرية بدمائنا ومرة بطعم نفطنا ومرارة شعوبنا.
لكننا نصر على ان نظل شعوبا لا تمتلك حرية صوت يصب في صندوق الاقتراع كما في البرازيل، ولا حرارة شارع يدفع بحاكم قرر »دولرة«بلاده الى الهرب والنفي الاختياري كما في الاكوادور، ولا نخوة جماهير تحمي من يحميها كما يفعل انصار هوغو شافظ في فنزويلا.
فإلى متى العيد المرير هذا؟