مواجهتان

صحيفة الدستور، 18-10-2003

مواجهات، ام اقتناص فرص، ام لعبة عض اصابع بين الولايات المتحدة واوروبا… اوروبا المحور الفرنسي – الالماني…. ولكن، ايضا، من ينضم اليه في دائرة قد تضم احيانا طوني بلير؟

المواجهة الاولى  فجرها مشروع انشاء قيادة اوروبية لحلف شمالي الاطلسي، حيث  تجلى موقف اوروبي  لم يقتصر على التحالف الفرنسي – الالماني الذي يتصلب بين شرودر وشيراك يوما بعد يوم، ولا على حليفين اخرين  انضما الى محدثات لوكسمبورغ هما   بلجيكا واللوكسمبورغ، بل تعدى الى الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في اوروبا : توني بلير  .

مما جعل السفير الاميركي لدى الحلف يصرح بان ذلك يشكل  ” تهديدا للاطلسي ”

بلير لم ينضم الى محادثات ا5 اكتوبر، لكن  مصادر كشفت عن نص لم ينشر تم التوقيع عليه خلال لقائه في برلين مع الرئيسين يوم 20 ايلول، وينص على موافقة بريطانيا على انشاء  ” خلية تخطيط  ” اوروبية داخل الاطلسي، وذاك ما رفضته واشنطن بحدة على لسان الفير بيرنز ومن ثم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وختمت بعبارة تتارجح بين التمني والتهديد : ” نامل الا تتحول هذه الافكار الى واقع ملموس ”

اما المواجهة الثانية، فقد فجرتها فرنسا، عندما قررت رفض قرار محكمة كاليفورنيا  حول تسوية  القضية بين بنك كريديه ليونيه و شركة التامين الاميركية التي استحوذ عليها البنك المذكور بطريقة اعتبرتها غير شرعية، وبالتالي  رفض  دفع الغرامة البالغة 575 مليون دولار، وفي حين كانت وزارة المالية تميل الى التسوية فان الاليزيه هو الذي قرر الرفض بحجة استبعاد شخصيتين مقربتين من الرئيس، هما رئيس مجلس الادارة السابق ووفرانسوا بينو من الاتفاق.

ورغم ان الاليزيه اعلن عن امله في حصول نسوية ديبلوماسية، فان الاوساط السياسية اعتبرت ان القرار يعبر عن تصميم الرئيس على فتح المعركة مع واسنطن.

لماذا؟

وهل ان في مصلحة الاقتصاد الفرنسي  ان تتعرض مصارفه للعقوبات التي هددت بها واشنطن؟

ام ان في مصلحة المانيا وبلجيكا تفجير ازمة داحل الاطلسي؟

بل واين المنطق في انضمام بيلير الى هذا الموقف؟

وخيرا كيف ينسجم هذا التصعيد مع سياسة الاذعان الى الموقف الاميركي في مجلس الامن، ومنح واشنطن هذا الانتصار الجديد في سياستها العراقية؟

لعل في هذه الكلمة التي تحولت الى مفتاح سري مدخل الاجابات : العراق!

اجل العراق، فبسببه اصبح بلير بحاجة الى مصداقية اوروبية اضطر بسببها الى تقديم تنازل في برلين برغم معارضة جزء كبير من حكومته.

وبسببه يجد الاوروبيون جميعا ان فرصتهم الذهبية للقفز من جديد الى  كفة التوازنات الدولية هي المازق الذي وقع فيه الاميركيون في العراق، كما يجدون ان في ذلك ايضا فرصتهم التاريخية للعب حاذق على خريطة المساومات والابيزاز للحصول على  حصة في الكعكة العراقية تنقذ اقتصادهم المازوم، وهذا ما يفسر اصرار سيراك وشرودر على الهروب الى الامام رغم المعارضة الداخلية. كما يفسر قبولهما  اعطاء الفرصة للاميركيين في مجلس الامن، حيث لا عطاء بدون مقابل. وبذا يكون هذا الذي اعتبر انتصارا  ديبلوماسيا جديدا لواشنطن دينا ثقيلا على ادارة جورج بوش، وقيدا يعيق حركتها في ساحات اخرى، وارهاصا جديدا بولادة نظام عالمي جديد، اكثر جدة من ذلك الذي اعلن بعد حرب التسعين.

ولكن… على حساب من؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون