النووي مقابل السلام

الشرق الأوسط، 08-05-2010

اهي رسالة موجهة الى اسرائيل ام الى العالم العربي ام الى الصين وروسيا؟

قرار الدول الخمس الكبرى المتعلق بشرق اوسط خال من الاسلحة النووية، هل يقلق اسرائيل حقا، ام انها ترى فيه رسالة مزدوجة موجهة الى روسيا والصين للحصول على موافقتهما على مواقف اكثر تشددا ازاء ايران، والى الدول العربية لافهامها ان لا خلاص من الخطر النووي الاسرائيلي والايراني الا بسلام كامل مع اسرائيل وبشروط هذه الاخيرة؟

وهي المرة الاولى التي تنتقد فيها واشنطن بصراحة السلاح النووي الاسرائيلي، انتقاد ياتي مصحوبا بتحرك مدير رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا امانو الذي وجه رسالة الى الدول المئة وواحد خمسين طالبا منهم تقديم الراي حول امكانية اقناع اسرائيل بالانضمام الى معاهدة انتشار الاسلحة النووية.

وهنا لا بد للمراقب من ان يتوقف عند المفارقة الغريبة:  ” طلب الراي حول امكانية اقناع ” دولة  ثبت امتلاكها ترسانة نووية  تقدرها المنظمة الاميركية: ارمز كونترول، بين 75 و200 راس نووي، في مقابل السعي المحموم الى فرض عقوبات على اخرين، موقعين على الاتفاقية لمجرد الشك في نواياهم النووية.

وفي هذا السياق تاتي   تصريحات هيلاري كلينتون التي اعقبت القرار،لتقول لاسرائيل: لا تخافي فنزع السلاح النووي الاسرائيلي مربوط بالسلام الكامل مع العرب، وبالتاكد من عدم وجود نوايا تسلح لدى ايران، وتقول للعرب بطريقة غير مباشرة: لا يمكنكم مطالبة اسرائيل بالتخلي عن سلاحها النووي الا باقامة سلام كامل معها.

اما اسرائيل فتمضي ابعد من ذلك عندما تشترط – مقابل تخليها عن النووي – تخلي جميع الدول العربية عن اي نوع من اسلحة الدمار الشامل. وبما ان هذا الشرط لا ينسحب على اسرائيل نفسها، فان النتيجة هي الابقاء على الاختلال في توازن القوى في المنطقة بتجريد العرب من اي نوع من الاسلحة المدمرة، مع تجريدهم سياسيا من اية حقوق ما يزالون يطالبون بها. ولا يخفي الاسرائيليون ان هذا المطلب موجه بالدرجة الاولى الى سوريا، حيث يدعون انها تملك مخزونا من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، وهي لم تنضم الى معاهدة عدم انتشار هذا النوع من الاسلحة.اما ما يقابل ذلك في المخزون الاسرائيلي، فلا حديث عنه، طالما ان الحديث هو عن النووي.

غير ان كل هذا الجدل يبدو – على الاقل في الوقت الراهن – من باب السفسطة المحضة، فلا السلام الشامل على مرمى حجر، ولا اسرائيل ستتخلى عن سلاحها النووي، ولا ايران ستقبل العودة الى الوراء، ولا سوريا ستنزع سلاحها الاخر وتقف جرداء في البرد العربي والنار الاسرائيلية.

اذن الضجة كلها موجهة الى امر واحد مطلوب بجدية، وهو وضع حد للطموحات الايرانية، سواء بواسطة العقوبات او بواسطة الحل العسكري في اخر المطاف. وفي الحالين لا يمكن للولايات المتحدة ولا لاسرائيل التحرك بدون موافقة روسية صينية. موافقة تحتاج لتقديم شيء، حتى ولو لفظي لدفع البلدين اليها. وذاك ما يقول الاسرائيليون انهم يتفهمونه خاصة اذا ما بقي قرار الدول الخمس يتيما ولفظيا، وبالتالي بدون تاثير على اسرائيل  كما يقول افراييم كان، الخبير في الشؤون النووية وشؤون ايران في مجلس الامن القومي الاسرائيلي.

غير ان هذا التطور اللفظي هو امر قابل للتحول الى انجاز حقيقي اذا ما عرفت الدول العربية ان تلعب عليه، على الاقل كما تلعب اسرائيل او كما تلعب ايران على المناورات الجارية حولهما. فالقرار سابقة، وسابقة يمكن تطويرها اذا ما استمر الضغط باتجاه جعلها مطلبا جديا، هذا اذا لم يتحول شعار الارض مقابل السلام الى شعار جديد: النووي مقابل السلام  او بالاحرى مقابل الاستسلام طالما ان الثمن في الطرف الاخر تسليم السلاح غير النووي ايضا.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون