غريب هو الربط بين مقولتين سبقتا بيوم واحد اغتيال الشهيد ابو شنب، والاعلان الرسمي عن انتهاء الهدنة.
ناشطة قادمة من رام الله، اسألها عن الوضع فتجيب بهدوء مر:
»لا خريطة طريق ولا هدنة، كل ما في الأمر أنهم يريدون ما يلهوننا به لتمرير استحقاقات احتلال العراق، ولايهام الناس بأن الادارة الاميركية التي تجبرت واجرمت وفشلت في العراق، تحقق شيئاً على الساحة الفلسطينية«.
وحديث لوزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيللوبان، نشرته صحيفة لوموند يوم امس الاحد، مما يعني انه اخذ الجمعة، اي بين عملية القدس وعملية اغتيال الشهيد. يقول فيه وزير الخارجية الفرنسي انه يجب وضع خريطة الطريق موضع التنفيذ، ويجب الالتزام بثلاث خطوات عملية: العودة الي مؤتمر دولي للسلام، اجراء انتخابات حرة في الجانب الفلسطيني، ونشر قوات دولية بين الجانبين.
كما يقول بأنه على الفلسطينيين ان يؤكدوا نيتهم في وقف العمليات وعلى الاسرائيليين ان يمضوا بخطوات اسرع في الانسحابات وتحرير الاسرى. وان يقدموا الدليل الصادق على قبولهم بدولة فلسطينية قابلة للحياة على حدودهم.
بين المقولتين: الاولى على بساطتها ووضوح رؤيتها، والثانية على نظريتها وخطابيتها، المثل الشعبي المأثور: »من يده في الماء ليس كمن يده في النار«.
فالنار هي ذلك العنصر الحي الذي يجوهر جميع العناصر، وملامسته هي تلك التي لا تترك حيز مليم واحد للكذب والديبلوماسية.
ولأن الناس في بلادنا قد اكتووا طويلاً بالنار، واشدهم اكتواء هم هؤلاء الذين يعيشون فيها في فلسطين بحيث تحولوا هم أنفسهم الى جمر واشتعال، فإن ألاعيب السياسة والديبلوماسية لم تعد تخدع أبسط عابر في الشارع، بل ان البسطاء هم اقل الناس قبولاً للخديعة، لأنه الأبعد عن علماء الكلام. يرون الامور كما هي لا كما تفلسف وتصور لهم.
هكذا جاء التفجير على الأرض ليؤكد ما قالته القادمة من قلب النار، ولينسف من جملة ما نسف كل ما قاله الوزير المثقف الشاعر المنظر… الغريب.
واذا كان دو فيللو بان قد اعتبر في حديثه ايضاً أن المنظمات الراديكالية هي التي تشكل الخطر على السلام، فان السؤال الاول المتبادر عند القراءة هو: لماذا لا يتحدث هؤلاء المسؤولون الغربيون عن راديكالية شارون والليكود والمستوطنين والاحزاب الدينية الاسرائيلية؟
بل عن راديكالية المنظمات اليهودية الفرنسية من مثل حزب حيروت الذي يشكل فرع الليكود في فرنسا، وأحد أكثر الفروع تشدداً.
أما الأحداث على الأرض فتثير سؤالاً آخر: هل اسماعيل ابو شنب هو الاكثر تشدداً في صفوف مسؤولي حماس؟
ولماذا تم اختيار هذا المهندس المثقف المتقن للانكليزية بطلاقة، خريج الولايات المتحدة، المحاور الحاذق، والذي عرف عنه انه اكثر من تعاطف مع ابو مازن في موضوع اقرار الهدنة؟