هل سيكون صحيحا ان التاريخ يعيد نفسه في افغانستان؟
فقد بدأ مشهد الاعادة من بداية التدخل الاميركي هناك، حيث استطاعت قوات الامبراطورية الساحقة ان تهزم البلد بسهولة، ان تعزل نظاما وتقيم نظاما اخر موال لها، وان تسجل انها ستنطلق من البلد الذي حمل يوما اسم سقف العالم، للسيطرة على بقية اسيا، والاحكام على حدود الصين.
يومها كان اسم المقاتلين الاسلاميين ضد الاحتلال والهيمنة الروسيين: »المجاهدين« لان الولايات المتحدة والعالم المعادي للشيوعية عمّدهم كذلك، وبناء عليه مدهم بالمساعدة.
لكن الاتحاد السوفييتي، كان، وهو يسجل الانتصار على افغانستان، انما يفتح بيديه سجل النهاية.. لا نهايته فحسب وانما نهاية الكتلة الاشتراكية كلها.
لعلها المصادفة التاريخية، ولعلها لعنة معينة تحملها هذه النقطة الواقعة على سقف العالم.
يومها كانت قاعدة باغرام القريبة من كابول، المقر الرئيسي للقوات السوفييتية، وبالامس حملت الينا وكالات الانباء ان انفجارا وقع في هذه القاعدة التي اصبحت المقر الرئىسي للقوات الاميركية، »مجاهدو« الامس اصبح اسهم اليوم »الارهابيين الاسلاميين«، لكن تغير الاسم لم يغير شيئا، حتى في اسمائهم الفردية او القبلية او اسلوب عملهم. ولكأن عدم تغيير اسم القاعدة التي جسدت حصن الاحتلال، يعكس لعنة معينة لم تحسب لها الامبراطورية البديلة حساب التاريخ. لانها لم تحسب ان بداية النهاية لجميع امبراطوريات التاريخ، انما تحددت بتوسع الانتشار، وتوسع الظلم، الى مدى يشكل الحد الاقصى الذي تبدأ بعده الاستحقاقات المتجاوزة لجميع القدرات. ومنها استحقاق الانتشار بحد ذاته، واستحقاق الكراهية، واستحقاق المسؤولية الخ…
واذا كانت امبراطورية واشنطن تحاول تدارك المأزق بالسيطرة على العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط بشكل مباشر وكامل بعد سحق العراق، فان ذلك قد يحصل وقد لا يحصل، لكنه في الحالين لن يؤدي الا الى تسريع النهاية.
تسريعا لن يعني ابدا بضعة اشهر او بضع سنين قليلة، لان لكل سيرورة تاريخية شرطها الزمني، الذي تحدده مجموعة متناقضة او متواترة من العوامل.
عوامل سيكون منها طريقة التعاطي العربي الشعبي مع الهجمة الاميركية – الصهيونية.
قد يقول البعض ان مشروع طالبان ليس مشروعنا، وهذا صحيح، واننا بحاجة الى تبني طرح تنويري ونهج ديمقراطي تحرري، وهذا صحيح ايضا.
لكن مشروع العولمة الاميركية الساعية في خدمة هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات، والتي تفرض علينا مع بضائعها قيمها الاستهلاكية التمييعية الهدامة، ليس مشروعنا ايضا.
كما ان مشروع التهويد الزاحف ليس مشروعنا ايضا.
بل ان انتصار الغزو الاميركي لا يمكن ان يؤدي الا الى اجهاض التحول الديمقراطي الحقيقي الذي ينمو في رحم الشعب ويتغذى بنضالاته. ويوهمنا بحمل كاذب يسكتنا عن طلب الحمل الحقيقي.. بل ويمنعه.