للمرة الثانية او الثالثة يتحدث محمد البرادعي عن نزع السلاح النووي الاسرائيلي، ففي حديث لصحيفة لو فيغارو الفرنسية يصدر اليوم، طالب رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية بتخليص الشرق الاوسط كله من اسلحة الدمار الشامل، ورغم ان الصحفي الذي اجرى معه المقابلة تجنب كليا ان يساله عن اسرائيل رغم اغراقه في الاسئلة التفصيلية التي بداها بايران، مفتتا كل امكانيات قمع المشروع النووي الايراني، وانتقل الى كوريا والباكستان، ليخلص الى اتهام السعودية وسوريا، في محاولة منه لالقاء غطاء الاتهام على كل ما يمكن ان يوصف بانه يشكل تهديدا لاسرائيل، متجاهلا كليا أي ذكر للدولة العبرية، استغل البرادعي السؤال عن اتهام الولايات المتحدة للرياض ولدمشق بالقول : ” نحن وكالة دولية وعلى كل دولة تقول ان لديها معلومات ان تزودنا بها لنتفحصها ونتاكد منها، واضاف : ان اسرائيل تملك السلاح النووي ولا يكفي الحديث عن اقامة سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين بل يتوجب اقامة نظام امان في المنطقة وهذا ما لا يتحقق الا بتجريد الشرق الاوسط كاملا من اسلحة الدمار الشامل.
معروف ان العديد من الدول العربية، خاصة مصر سبق وان اعلن هذا المطلب، لكن صدوره عن جهة دولية يعطيه بعدا اخر، ويضع العرب من جديد امام فرصة تلقف الكرة واثارة هذه القضية، خاصة وانهم يمتلكون الان حجة مزدوجة قوية تكمن في تجريد العراق من اسلحته بل واحتلاله بحجة اسلحة الدمار الشامل، واخضاع ايران للمراقبة الدولية وايقاف برنامجها النووي.
صحيح ان ذلك لن يعني ان المنظمات الدولية ستهرع غدا الى تل ابيب بفرق تفتيش كما تلك التي استباحت العراق، وان العالم لن يتحرك كله كما تحرك لاقناع طهران بالخضوع للوكالة الدولية، تحت تهديد العقوبات، لكن رحلة الالف ميل لا تبدا الا بخطوة واحدة، وعندما تكون في صراع وجودي طاحن مع عدو تنين يلعب امام العالم لعبة المتحضر المتمسك بالعلاقات الدولية، فان التحدي الذي ينتصب ابدا امامك هو ان تستغل كل فرصة وكل مدخل مهما بدا صغيرا لتسجيل نقاط ضده او لفتح ثغرة في الجدار : الم يتمكن معتقلو انصار من الهرب من المعتقل عبر نفق حفروه بعلبة سردين؟
لا شك في ان حكوماتنا تشعر بانها معتقلة من قبل الاسرائيليين والاميركيين كما معتقلي انصار، لكنها لا تملك حلمهم بالحرية ولا مشروعهم للتحرر ولا ارادتهم، فلتتلقف القوى الشعبية الكرة.