كفتان!…

صحيفة الدستور، 11-02-2003

(لم يعد حدثا، بل تحول الى مشروع الى مصنع للفكر، غير ملوث، دائم، وسلمي).

هل سيكون بامكان المنتدى الاجتماعي الذي انعقد هذا العام في بورتو الليغري وسينعقد العام القادم في الهند، ان يتحول فعلا الى مشروع ضد التلوث والميول الحربية، كما يقول النقابي الامريكي الجنوبي كانديدو غريبوتسكي الذي يعتبر من اشهر منظميه واكثرهم راديكالية، بحيث تزعم التيار الرافض لزيارة الرئيس البرازيلي (لولا) الي منتدى دافوس؟

هل سيستطيع المئة الف مشارك الذين اجتمعوا في المدينة اللاتينية والاربعة الاف صحافي الذين غطوا لقاءهم، ان يشكلوا فعلا ثقلا موازيا لمنتدى دافوس؟ ففي تلك الكفة، الاغنياء والمستثمرون والليبراليون باختصار المستغلون بكسر الغين، وفي الكفة الاخرى الفقراء والعالمثالثيون واليساريون الانسانيون والمتدينون الانسانيون ايضا، باختصار المستغلون بفتح الغين..

في الكفة الاولى دعاة الحرب المرتبطون بشركات الصناعات العسكرية، والمسترخصون للروح الانسانية، وفي الثانية دعاة السلم، والحريصون على الانسان روحا وصحة وحقوقا.

(عالم اخر، من الجهة الاخرى للكرة الارضية) هكذا قال عنوان في لوموند الفرنسية والممكن ما يزال منتظرا.

فهنا هيمنة ساحقة للولايات المتحدة الامريكية وعولمتها الاقتصادية، وهناك هيمنة ساحقة لموقف مضاد للامركة يترجم بهيمنة موضوعها على جميع الفعاليات: اجتماعات، طاولات مستديرة، حلقات بحث، وورش عمل، اذ انه (لا يمكن اتخاذ موقف مضاد للحرب، دون التطرق الي مصادر الثروة والى هيمنة الدولار) يقول بيتر وول ممثل المنظمة الالمانية (ويد) الذي اردف بالدعوة الى مساندة المنظمات والافراد والجماعات الذين يشكلون المقاومة داخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها، هذه المقاومة التي لم تتمثل فقط برمزها المعروف تقليديا نعوم شومسكي وانما باخرين كثر دعوا الى فكرة تنظيم منتدى محلي امريكي قبل المؤتمر العام القادم في الهند.

فهل سيسمع العالم نداء صوت عاقل وانساني صادر من قلب امبراطورية باتت تفتقر الى العقل والانسانية معا؟

وهل يمكن ان يظل الجسم الاجتماعي فيها محصنا ضد عدوى الصراع الدائر في محيطها الجغرافي القريب، اي في امريكا اللاتينية بين القوى المحلية الممثلة لمصالح الشعوب وخاصة الطبقات المسحوقة فيها، وبين نيوليبرالية قال عنها شومسكي في المؤتمر (ان الولايات المتحدة اذ لم يعد باستطاعتها ان تدعم الانظمة الديكتاتورية الموالية لها، بسبب رفض شعوبها الحاسم لها، وبفع لديناميكية الحركات الاجتماعية،فقد لجأت الى استعمال وسيلة جديدة للسيطرة على امريكا الجنوبية هي: النيوليبرالية).

واذا كنا نحن نتساءل عن انتقال عدوى مقاومة النيوليبرالية كأداة للسيطرة.. فان السؤال لا يتأخر في ان يرتد علينا نحن في هذه المنطقة التي تقف امام عملية الاستبدال المذكورة نفسها، ولكن دون ردة فعل مقاومة حقيقية.

ولكن هل تصاب الشعوب كما الافراد بمرض اسمه الشلل الدائم؟

اوليس هذا الشلل في الغالب حالة سيكولوجية؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون