عون.. جنون ام مرض؟

صحيفة الدستور، 04-10-2003

اي جنون هذا الذي ضرب الجنرال ميشال عون؟ وبماذا يختلف موقفه الاخير، في الصميم عن موقف انطوان لحد ومن قبله سعد حداد؟

جلستان شهدهما الكونغرس الاميركي وكان يفترض ان تكونا جلستي استماع، تسجلان في محاضر الكونغرس، وشهدت كل منهما حدثا بالغ الاهمية والدلالة:

الاولى شهدت غياب اطراف المعارضة السورية التي اعلنت انها تعتبر ان هذه الحملة معادية للشعب السوري وليس للنظام السوري فحسب، وذلك بدليل هوية ومواقف الاشخاص الذين يقودونها، بحسب ما صرح به ناطق باسمهم الدلالة الاولى هنا تعكس نضج ما للمعارضة السورية، لم تكن تتمتع به المعارضة العراقية التي اعماها الحقد حينا والعمالة حينا اخر، والحسابات الفئوية الصغيرة التي لا ترقى الى مستوى الحرص على بقاء الوطن.

والدلالة الثانية هي الطابع المفضوح للذين يقودون الحملة حيث انهم بدون استثناء من اليهود المتحمسين للصهيونية ولاسرائيل (بولتون – روس ليتنين – ايكرمان – بيرمان – بايبس – غينزبيرغ).. الخ.. اضافة الى عدد صغير من الاميركيين من اصل لبناني المؤيدين لعون او للقوات اللبنانية (رغم ان هذه الاخيرة ارادت ان تكون اكثر خبثا وذكاء من العماد عون- كالعادة – واعلنت رفضها لتصرفاته).

اما الجلسة الثانية، فهي الفضيحة الكبرى، اذ دعت اليها رئىسة اللجنة الفرعية للشرق الاوسط الينا روس ليتنين، لكن السيناتور هنري هايد رئىس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي، الذي تشرف لجنته على اعمال اللجنة الفرعية المذكورة، رفض الموافقة على اعتبار الجلسة جلسة استماع تسجل في محاضر الكونغرس، بل ورفض حضورها، برغم الجهود الحثيثة التي بذلتها رئىسة اللجنة الفرعية المذكورة لاقناعه، وذلك لقناعته المعلنة بان المتحدثين الثلاثة يتبنون موقفا واحدا معاديا لسورية، وبعيدا عن الموضوعية، والثلاثة المعنيون هم: الجنرال عون، مارك غيزنبرغ، ودانيال بايبس، اضافة الى ايلينا روس ليتنين، التي اصرت على عقد الجلسة كطاولة مستديرة، قرأ فيها الجنرال، ورقة قصيرة تكرر فيها وصف سوريا بالارهاب سبع مرات، ثم انتقل الى الاجابة عن الاسئلة.

مدان بدون اي تحفظ هذا السلوك الذي لا يمكن تسميته الا خيانة، خاصة من قبل قائد عسكري، ولا يمكن نعته الا بالغباء السياسي، غباء يجعل من الحقد المحرك الاول الذي يبرر كل شيء، مدان بنسبة لا تقل عن ادانة انطوان لحد فذاك تعاون مع اسرائيل وهذا مثله، هذا باع اهله وهذا مثله: ألم تقل التقارير ان المساومة كانت تدور على اساس: نحن نساعدكم في المطالبة باخراج سوريا وانتم تساعدوننا في المطالبة بالقضاء على حزب الله؟

ولكن اين يكمن المرض الحقيقي المسبب لكل هذا؟

ذاك هو السؤال.

لو لم يكن الداء التجزيئي الاقليمي مترسخا، ويزداد ترسيخا كل يوم، اكان ما يحصل ممكنا؟

ولو لم يكن الداء الطائفي مترسخا ويزداد ترسيخا كل يوم، اكانت هذه المقايضة ممكنة؟

ذاك هو السؤال.

وكل ما عداه حبوب مسكنات يزداد المرض تحت غطائها انتشارا وتعمقا.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون