لولو

صحيفة الخليج، 27-02-2009

هل تذكرون لولو السويعاتية ، الشخصية الطريفة لتي تقمصتها فيروز في احدى اوبريتاتها في السبعينات؟  لولو حكمت بجريمة قتل لم ترتكبها ن وسجنت وبعد سنوات طويلة انكشفت الحقيق فافرج عنها، لكنها قررت ان سنوات السجن دين مستحق لها، وتريد استرداده بقتل احد الذين اتهموها في القرية. وهنا تدور الدراما المضحكة المبكية، حيث يتسابق الجميع الى القسم ” والله يا لولو انا كنت دايما قول انك برية ” وتروح هي تلعب على اعصاب الجميع.

بالامس افرجت الادارة اللبنانية عن اخوين معتقلين منذ ثلاثة سنين ونصف بتهمة التورط بقتل، واقرت ببراءتهما، والحديث يدور عن امكانية الافراج قريبا عن الضباط الثلاثة مما سيعني ايضا اعلان براءتهم.

لكن القصة لن تتوقف هنا، فالمحكمة ستنتقل الى لاهاي، وبشكل متواز مع مؤشرات مصالحات او على الاقل تهدئات مرحلية بين الولايات المتحدة وسوريا وايران والعربية السعودية، واذا ما تغيرت المعادلة بين اللاعبين الكبار فماذا سيحصل للمعادلات بين اللاعبين الصغار؟ ماذا سيقولون للولو؟ وماذا ستغني لهم؟

واذا كان لا يمكن فصل المعادلات الجديدة عما يحصل داخل البيت الفلسطيني، فان السؤال سيطرح حول

مال البيت اللبناني؟ واذا كانت دوائر ابو مازن تعرب عن حالة احباط شديد بسبب وصول نتنياهو الى الحكم. فان حقيقة هذا الاحباط يتجاوز لون الحكومة الاسرائيلية، الى احساس اخطر بان الاميركيين ومن معهم يتخلون عن المجموعة  التي خدمتهم ونفذت اوامرهم بدون تردد. واصبحت الاولوية بالنسبة للغرب واسرائيل هو ادماج حماس في العملية السلمية، وبالتالي في منظمة التحرير الفلسطينية، لان اوباما الذي يريد الخروج بطريقة او باخرى من العراق والانصراف الى افغانستان، يحتاج الى مثلث الفى الاقليمية المحيطة: تركيا، ايران وسوريا. كذلك فان الرئيس الذي يريد تسجيل دور ما على الساحة الفلسطينية والعربية، يحتاج الى ترتيب جديد مع ما يسمى بدول الممانعة او قوى الممانعة. وثالثا فان الدعوة الى المصالحة مع الاسلام، تعني انهاء نغمة الارهاب الاسلامي، وحشد معظم القوى الاسلامية المعروفة  في صف ما يسمى بالاسلام المعتدل وعلى راسه تركيا السنية، مع محاولة اغراء المعسكر الشيعي ايضا الى خط الاعتدال. خاصة بعد ان فشلت كل سياسات التحجيم والتدمير من لبنان الى ايران النووية.

لايفهم من هذا اطلاقا ان السياسة الاميركية قد تحولت الى دار قاضي صلح، ولا ان هيلاري كلينتون ستكون الام تريزا، ولكن السياسة الديمقراطية تريد انتهاج خط مختلف كليا عن خط ادارة المحافظين الجدد. ارادة لا تعود ابدا الى حسن النية، بل الى اربعة امور رابعها هو الاقل اهمية:

الاول ان الازمة الاقتصادية الدولية، وحظ الولايات المتحدة الاميركية منها، تفرض هذا التحول

الثاني ان سياسة ادارة جورج بوش قد حققت اهداف المعسكر الغربي الصهيوني في العراق: النفط – تدمير الجيش- تدمير المنجز الحضاري – تركيز القواعد – تثبيت حكومة موالية له تنفذ اوامره. واصبح الاستمرار مجرد استنزاف بشري ومالي.

الثالث ان هذه السياسة المذكورة وصلت الى حائط مسدود في المناطق الاخرى، وثبت فشلها فيها، من مثل لبنان او ايران او سوريا الخ…

اما الرابع فهو ان طبيعة المبادىء والسياسات التي يتبناها الديمقراطيون لتحقيق مصالح بلادهم تختلف عن المنهج الجمهوري النيوليبرالي.

كل هذا سيخرج بلولو من اسجن ومن دائرة الاتهام في لبنان، ولولو لن ستشكل تهديدا نفسيا لكل الذين اتهموها، وسنشهد نحن مسرحية تراجيكوميدية جديدة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون