حرب العقول والنفوس

صحيفة الدستور، 08-04-2003

هذا العنوان، هو شعار اطلق خلال الحرب الفيتنامية، ويومها قيل ان خسارة الولايات المتحدة بدأت بخسارة هذه الحرب، حيث لم يكن العامل الرئيسي في الخسارة الانتهاكات والفظائع التي ارتكبها الجنود الاميركيون فحسب، وانما انتقال صورها وانبائها عبر وسائل الاعلام الى العالم.

واليوم ينطلق المحللون في الولايات المتحدة، مذكرين بهذه التجربة، وآخذين على الادارة الاميركية انها لم تعط، في خطتها لغزو العراق، الحيز الكافي للحرب النفسية.

هذه الحرب التي لا تكلف الخزانة الا جزءا صغيرا من تكلفة الحرب التكنولوجية.

ويعبر البروفسور ميشال دوران، الذي كان من اول من نبه الى ذلك بقوله: »نحن الآن غزاة معتدون وقتلة نساء واطفال«.

كثيرون من المحللين يربطون بين هذا التقصير، وتقصير اجهزة الاستخبارات ازاء عمليات 11 ايلول، من حيث كون السبب الاساسي والعميق في الحالين هو اهمال العنصر البشري.

وايا تكن التحليلات والدعوات فان الدلالة المهمة لها الان، هي انها ستشكل اساسا لحملة معاكسة قوية، لغسل الوجه الاميركي القذر، واكتساب القلوب والنفوس، واقناع العراقيين اولا والعرب ثانيا، والعالم ثالثا، بان هؤلاء الغزاة هم محررون انسانيون.

طلائع هذه الحملة بدأت بصور المعونات الغذائية والطبية وقناني الماء، التي تجعل المأساة تقارب الاسطورة.. ان يمنح من تحدد هويته بما بين النهرين، قنينة ماء محمولة من الصحراء، وان يتم اجتذاب قلوب اهل الرافدين برزمة غذائية لا تساوي فضلة ما يقدم لضيف على مائدة عراقي. اكتساب القلوب والنفوس.

هي الحرب التي علينا ان ندعم خطوط المقاومة فيها الى ابعد الحدود حتى ولو انتهت الحرب العسكرية، لان ربحها او خسارتها هو الذي سيحدد امركة المنطقة واسرلتها او فضيحة الامبراطورية الغاشمة التي جاءت بالموت والدمار، لتؤمن سرقة خيرات العراق، بدءا بالماء لا بالنفط.

وانتقالا الى كل ما يمتلكه هذا البلد بفرادة استثنائية، واذ نقول الماء، فلأن حرب النفط قد حسمت كفتها عام ،1991 اما حرب المياه فهي الاشد والاكثر الحاحا، والكاسب الاكبر في المجالين سيكون، وفق الخطة الاميركية – اليهودية، اسرائيل.

فلم يكن من قبيل الصدفة ان تضرب انابيب المياه في الجنوب منذ اليوم الاول للهجوم، وان يبدأ الحديث القديم الجديد عن مد المياه الى اسرائيل، تذكيرا بالمشروع الذي اطلق عليه عام 1991 اسم »انبوبة السلام«.

واذا كان الجميع قد انتبهوا الى الحديث عن مد خطوط النفط الى ميناء حيفا واخذ اسرائيل لحصتها مجانا لقاء ذلك، فان عددا اقل من المحللين تحدث عن الماء، وليس من يجهل ان الشرط الاول الذي التزمت به المعارضة العراقية واعلنه احمد الجلبي في لندن هو الاعتراف باسرائيل، لكن التجربة علمتهم ان الاهم من الاعتراف انما هو التطبيع، ولذلك تكون حرب القلوب والنفوس هي الرهان الاهم.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون