بقية من كرامة!

صحيفة الدستور، 11-03-2003

انه السوق!

لكنه ليس سوق البيع والشراء بالمعايير المعروفة، وانما سوق الرشوة المعلنة. والاهداف متنقلة ومتعددة.

فمن العصاة والجزرة اللتين جاء بهما بول ولفويتش الى تركيا، تأمينا لهدف عسكري، ينتقل السوق الآن الى القارة السمراء في مزايدة حادة على الاصوات الثلاثة التي قد يكون من شأنها ان تحسم في مجلس الامن قرار الحرب العالمية الثالثة.

غير ان ما يحصل وبالاساليب والمساومات المعلنة يجعل الامر اقرب الى الكوميديا، او بالاحرى التي جيكوميديا.

فعندما كانت القمة الافريقية تعقد في باريس، كانت كونداليزا رايس على اتصال هاتفي لم ينقطع مع الزعماء المعنيين.

ولكن جاك شيراك نجح في استصدار بيان ختامي معارض للحرب. ولكن السباق لم يتوقف، وولتر كاستنر، نائب وزير الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية، يقوم بجولة في انغولا، كينيا، والكاميرون، يليه دومينيك دو فيللوبان مستقبلا وزير خارجية غينيا، ليقفز فاليري عاموس الرجل الثاني في وزارة الخارجية الامريكية الى كوناكري. وها هو فيللوبان يشد رحاله من جديد الى هناك.

ومع كل من هؤلاء اوراق بامكانه ان يضغط بها على محاوريه. فالكاميرون قريبة من فرنسا، وتتلقى منها مساعدة مهمة. لكن للشركات النفطية الامريكية استثمارات خطيرة في البلاد.

اما في انغولا فاستخراج النفط مقسوم بين الامريكيين والفرنسيين، لكن واشنطن تستثمر كثيرا هناك، وتستورد اكثر من 17% من النفط الانغولي الخام.

واضاف الى ذلك وعدت الرئيس الانغولي دوس سانتوس بمساعدة اضافية تبلغ عشرة ملايين دولار.

اما غينيا، البلد الفرانكوفوني مئة بالمئة، فإنها بالرغم من ذلك لا تشكل حليفا مضمونا لباريس، كون النظام الحاكم يتهمها بمساعدة المعارضة.

هل يعني ذلك ان كفة واشنطن في مجلس الامن، قد رجحت، واصبح الخيار، اما مرور القرار الامريكي واما الفيتو؟

لا.. فوضع امريكا اللاتينية مختلف وبامكان باريس ان تعتمد على المكسيك، التي افشلت الجهود المضنية التي قام بها جوزيه ماريا ازنار لصالح الامريكيين.

وامام ذلك، بدت التشيلي، الموالية لامريكا في العادة، وكأنها تفضل التخلي عن هذا الولاء على زرع شرخ في الكتلة الامريكية اللاتينية، التي باتت ست من دولها معارضة لامريكا.

لكن الدلال الامريكي لم يستسلم ولم يعد يهمه التستر في الرشوة حتى بما يحفظ ماء وجه المرتشي.غير ان هذه الفجاجة قد تقلب السحر على الساحر على غرار ما حصل في تركيا، التي لم تخف ردة الفعل الحادة على المعاملة الاستعلائية التي مارسها المبعوثون الامريكيون.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون