بعد الارض، هل ينجح الامريكيون في احتلال وجدان العراقيين؟
هل جاءت ساعة المساءلة، مساءلة الرأي العام البريطاني والامريكي لادارتي بوش وبلير؟
هل ينجح دافوس البحر الميت فعلا في اعادة صياغة الهيكلة الاقتصادية للمنطقة؟ وبعبارة ادق هل سيتم فرض العولمة الامريكية، والشرق اوسطية الاسرائيلية على العالم؟
وبالتالي هل ستتمكن الرباعية من فرض خريطة الطريق على الساحة الاسرائيلية الفلسطينية، مما يمكن الادارة الامريكية من الخروج بانجاز ما، تقدمه لامتصاص الكراهية العربية من جهة، والرضى الاسرائيلي من جهة ثانية، ولوم الرأي العام الامريكي من جهة ثالثة، تمهيدا لمواجهة الاستحقاق الرئاسي المقترب، حيث البقاء في السلطة هو ضمانة استمرار المصالح الاقتصادية خاصة في عراق يعلن المختصون ان مشاريع اعادة بنائه تحتاج الى سنوات طويلة قادمة، علما بأن تعبير اعادة الاعمار هذا ليس في الحقيقة الا قناعا مجملا يخفي التسمية الحقيقية لنهب البلاد الاكثر ثراءا في المنطقة بل وفي العالم، ولتدمير وجهها الثقافي الحضاري وتمييعه؟
ولكن:
هل ستغير المساءلة الامريكية – البريطانية، وما يمكن ان يليها من الاطاحة ببلير وبوش، في الامر شيئا؟
بمعنى هل ان تغيير النظام في واشنطن ولندن سيغير واقع الاحتلال في العراق؟ اللهم الا ارتواء عطش الانتقام من ادارتين مجرمتين، لم تتورعا لا عن الكذب على مواطنيهما، ولا عن ظلم الشعوب الاخرى بشكل لا مجال فيه لاية اعتبارات الا شهوة المال والسلطة الاستعمارية.
هل سيختلف الامر كثيرا بين ان يكون ديك تشيني المستثمر الاكبر عبر شركاته والشركات المقنعة لنفط العراق، وهو نائب للرئيس، وبين ان يكون مستثمرا تاجرا فقط والى جانبه نائب آخر لرئىس آخر قد تكون لهما شركات اخرى؟
ولكن: الا يكفي مبدأ عدم جواز تمتع القاتل بثروة ضحيته؟
هل سيكفي تهافت الرأسماليين العرب على الانضمام الى ركب العولمة، والصعود الى قطار الشرق اوسطية، لتحقيق المشروع الصهيوني القديم في تحويل العرب الى مستهلكين وايد عاملة وكفى…
ولكن: الا يفهم المخططون الاقتصاديون ان تراجع التنمية في العالمين العربي والاسلامي، مما يعني تراجع الوعي، التعليم، الحداثة، وعدالة توزيع الثروة في مقابل تنامي الفقر والجهل سيؤدي مع التعدي المتواصل على الكرامة والحقوق الى تضخيم وتعميق الكراهيات وتفجير العنف؟
عنف لا يمكن معالجته لا بالقمع ولا بالمسكنات، وانما فقط بالاستجابة للحقوق.
لكن هل تفهم الرؤية النيو ليبرالية الامريكية القائمة على ما يسمى مبادئ ريغان، والتي عاد واكدها بوش عشية العدوان على العراق، هل تفهم هذه المعادلة؟ فلا تقوم كلها على مبدأ اساسي بسيط هو ان الوسيلة الوحيدة للتنمية الاقتصادية هي مساعدة الاكثر غني على مضاعفة ثرواتهم وتنمية استثماراتهم، ما ترجم عمليا بالتخفيضات الضريبية التي منحت لرأس المال؟
وهؤلاء الناس.. الناس الناس، البسطاء، المتدفقون في الشوارع والساحات ودروب الحقول، اين مكانهم؟ اوليسوا هم حملة الوجدان، ورثته ومورثوه، الوجدان الذي بدأت الاسئلة من السؤال عن النجاح في احتلاله، سؤال دلتنا تجارب التاريخ والعالم، وتجربتا الحديثة في هذه الامة، من فلسطين الى جنوب لبنان الى العراق المتفجر يوميا الى جواب قاطع عليه: مستحيل، واستحالته هذه هي التي ستقلب الطاولة.