اذا كانت حالة التأهب القصوى ما تزال ضرورية في الموانئ والمطارات والشوارع الامريكية!
اذا كان لا يمر يوم دون ان نسمع عن عملية في افغانستان، حيث يقول المراسلون ان الجنود الامريكيين يتصرفون برعب ظاهر مع كل مار!
اذا كانت القاعدة قد اعادت تنظيم صفوفها، واشعلت نارها الشعواء من السعودية الى المغرب!
اذا كان اسامة بن لادن وصدام حسين ما يزالان احياء يتنقلان من مكان الى آخر!
اذا كانت السفارات الغربية تجد نفسها مضطرة لاقفال ابوابها والانكفاء وراء سور من الخوف والكراهية وسور من التقية، وسور من مسلحيها يحيط به سور من حرس محلي لا يمثل الا دروعا بشرية اشبه بالصدام الواقي الذي يوضع على السيارات الحديثة.. حتى اذا تفجر موت ودم، كانوا هم الضحايا التي لا ثمن لها!
اي اذا تحولت السفارة، كمفهوم وكوجود، من يد ممدودة، الى يد تتشبت بالزناد، ومن باب مفتوح على الحوار، الى باب مقفل في اسوار حصن عسكري معزول الا عن عملائه..
اذا كانت التشكيلات العرقية والعشائرية والقبلية، والاصوليات الدينية المتطرفة على اختلاف الوانها هي التي تعود الى الواجهة في كل مكان »حتى في الادارة الامريكية نفسها« وتعيد العالم مئات بل وآلاف السنين الى الوراء..
اذا.. اذا واذا…
فلماذا كانت هذه الحروب المرة المجرمة اذن؟
بالامس قيل ان الذين اطلقوا النار على حرس السفارة الامريكية الافغان كانوا سكارى، ولكن يبدو ان الادارة الامريكية كلها مصابة بسكر معربد…
سكارى تجارها العتيدون برائحة النفط، وسكرى شركاتها المتعددة الجنسيات بخمر الاحتكارات، وشعار: »ندمر لنعيد البناء والبيع!« وسكرى آلتها العسكرية، ومصانع الاسلحة بشلالات دماء، كلما ازدادت غزارة ازدادت مبيعات منتجات الموت وتضاعفت فرص التجارب الحية.
وسكارى استراتيجيوها المغرقون في ايديولوجية تسمى تأدبا »محافظة« وان هي الا عفنه، استعلائية، عنصرية، لا تقيم ثمنا لا للارواح ولا للدماء ولا للكرامات ولا للعقول. الثمن فقط لجشع هيمنة مطلقة متغطرسة على العالم، لا بأس لاجلها ان توضع كل الجهود لزعزعة الاستقرار، ليس فقط في العالم الثالث البائس والعالم الرابع العربي، بل وايضا في آسيا، ان استعصى بعضها على الفتن، دس له السارس في الهواء.. وحتى في اوروبا، ان تمرد بعضها على التبعية، شنت عليه حرب العزل والبلبلة والتضييق والاتهامات، داخليا وخارجيا.
سكر، لا يحمل في عمق تربته الا بذور فناء الامبراطورية المتجبرة.. ولكن بعد فناء انساني مذهل يجتاح الكرة كما الطاعون.
لكن من لم يشرب ولم يسكر، ويعرف كيف يلتصق بالشجرة بوعي الطفيليات التي تمتص النسغ وتكبر وتخضر الى ان تقضي على الشجرة باليباس، هم هؤلاء اليهود والمتصهينون الذين يشكلون اللوبي الذي يحكم امريكا ويمد شعابه في كل مكان آخر في العالم. ولا يهمه بالتالي من الذي ينهار ومن الذي يبقى، المهم ان تتنامى سيطرته هو على العالم.
لا يهمه، حتى، كما قال ارييل شارون لعاموس عوز في معاريف، ان تضرب بضعة كنس او مؤسسات يهودية في انحاء العالم، اذا ما شكل ذلك وقودا نافعا للسياسة الصهيونية.
ولا بأس في ان تكون كل الجعجعة المطنطنة حولنا، من المقابر الجماعية، الى تفجيرات الرياض والرباط، الى عملية افغانستان، الى حالات الطوارئ المعلنة في امريكا، غبارا كثيفا يستغل للتغطية على المآسي والفظائع الحقيقية التي يرتكبها التحالف الامريكي – الصهيوني، وغطاء تمرر تحته سياساته.