محبطون!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 24-12-2002

حتى العملاء العرب محبطون!

يتظاهرون في اسرائيل لان شارون اذلهم، بحسب تعبيرهم.

لكأن الذل شيء اخر بعيد عن الخيانة، شيء ينحصر في عدم منحهم تسهيلات معيشية ثمنا لما باعوه من شرف وكرامة ومن تراب اجدادهم ودماء مواطنيهم.

ما الذي كان ينتظره هؤلاء وقد خرجت اسرائىل من الجنوب اللبناني، واية حاجة لها بهم داخل اسرائىل.. فحتى العمالة والخيانة لا ثمن لها الا على ارضها، هناك كان المحتل بحاجة لهم، ولكنه محتاج يمتلك القوة والمال والسلطة والكرامة. هنا اصبحوا هم بحاجة اليه وهم لا يمتلكون لا المال ولا السلطة ولا القوة ولا الكرامة.. والاسوأ بالنسبة لهم، انهم لم يعودوا يمتلكون ما يبيعونه له.

أهي الشماتة؟

ربما.. لكنها ايضا منطقية جدلية العلاقة الابدية بين المستعمل والعميل. بين المحتل والمتعاون، جدلية لا تشوبها ابدا اعذار الحاجة والاضطرار، حيث ان المقاومة اللبنانية ومعها الدولة قد ميزتا عند التحرير بين متعامل وعميل، بين متعامل ومتعاون، فامرأة ممرضة تذهب للعمل في مستشفى في فلسطين المحتلة لان طريقها الى مستشفيات لبنان مقطوعة، هي مجرد متعاملة لا ضير عليها ويمكن تصحيح وضعها بمجرد التحرير. اما امرأة تعطي اسرارا عن المقاومين لقوات الاحتلال او تخدم في جيش لبنان الجنوبي فتخضع لتصنيف لم يشذ عنه اي شعب وقع تحت الاحتلال من فجر التاريخ الى اليوم.

ومثل هذه هم الذين تظاهروا اول امس في اسرائيل. فبأي حكمة لا يحق لنا ان نشمت؟

بل هي الحكمة التي تتطلب منا التركيز الاعلامي على اوضاعهم، علّ الاخرين يعتبرون بهم.

لكن ثمة امرا آخر بالغ الخطورة هو ان اسرائىل، وفي سعيها للتخلص منهم ومن مشكلتهم من جهة، ولمكافأة بعضهم ممن تعتبرهم ما زالوا يصلحون لدور ما، تقوم بتسهيل سفرهم الى وجهتين: الاولى اوروبية، ومنها يمكنهم العودة الى لبنان كمواطنين عاديين، لكنهم في واقع الامر انما يزرعون قنابل موقوتة، واجهزة تنصت ونقل فعالة لحين الحاجة. ونذكر من برز منهم خلال الازمة التي نشأت بين طلاب المعارضة اللبنانية والحكومة في العام الفائت.

والوجهة الثانية هي الدول العربية، من خليجية وغيرها، حيث يدخلون كموظفين في شركات معظمها اجنبي، وهناك يقومون بما تكلفهم به اسرائىل.

وبطريقة كلية الاستلاب، استلاب له منشأه النفسي والاخلاقي والتبعي، كما ان له رابطه الاجرائي لان الواحد منهم يظل تحت تهديد كشف امره اذا ما حاول ابسط تمرد او تلكؤ.

هؤلاء واحدة من مشكلاتنا وما اكثرها في ظل اجواء البلبلة والعجز التي نعيش!

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون