يمضون…
يغادرون الزمن المقيم، الى غياب مقيم، يتحدون، باهمال، حضورنا المؤقت في صقيع محطة، تلوب بين صغير ذاهب، وصغير يقترب.. وسؤال حائر: ايهما الحضور وأيهما الغياب؟
مفارقة الطبيعة الا تفوء الاشجار باوراقها الخضراء، وانما بالصفراء المحتضرة.. ومفارقة الموت انه يغلب المفارقات، والسائد والمنطقيات.. يستعجل الاوان قبل اوانه، يستعجل الاصفرار للورقة، ويستسقط الثمرة في عز نضوجها.. بل يجتث الشجرة في عز اثمارها..
ويمضون..
ثمة اوقات، اشهر، ايام، تفرش عباءتها وتلوح.. تحصد تجمع وتستكين..
ثمة هبات ريح تعبر هكذا، تهز اشجارنا وتسقط، ما هو للسقوط وما ليس بعد..
ثمة مواعيد غريبة للذهاب..
ويمضون..
مللا، سأما، احتجاجا تحديا.. ام لا شيء؟!
عديدون.. زملاء، اصدقاء، اقربون اختاروا المفصل الحقيقي للالفيتين، او ما حوله موعدا موازيا للمفصل الحقيقي الوحيد بين الاوهام..
ضربوا وجوهنا بالفجاءة.. والذهول.. »منية سماره، حسين ابو حمد، زهرة عمر، آخرون.. وها هو اياد القطان«.
كلهم متقاربون عمرا..
جيل السباحة في كل الاتجاهات، وبكل الوسائل، في سبيل الهدف الواحد، الخروج من الآسن..
جيل الاحلام، التي اصرت على حمل الواقع الى صواريها، واصر على وأدها في مستنقعاته..
لم يكن المعول خفيفا، ولم تكن الارض سهلة.. وكلما اشتد المجذاف، اشتد ارتفاع وجنون الموج.. وعلى الشاطىء مسربان: دافعو الضريبة، ومتقبلو الرشوة..
وكان لمن اختاروا الاول ان يدفعوا..
يدفعوا من ساعاتهم..
من حرائق دمهم..
من صداماتهم بالجدران وتعثرهم بالاسلاك الشائكة والفئران من عتاب احلامهم اذ تفتقد بلاط الخيبة ـ الصقيع..
ومن اعمارهم..
اعمارهم التي لم تقصر لتنجو من الخيبات… ولم تطل لـ… »كنت اريد ان اقول: لتتجاوزها، فلم يطعني القلم…«.