هنتنغتون يعارض ضرب العراق وطارق عزيز يؤكد ان مسألة الضربة باتت مسألة وقت..
هنتنغتون يعترف في مقابلة صحفية نشرت امس ان تيارا امريكيا يدعو الى اغتنام فرصة الحرب ضد الارهاب لقلب نظام الرئيس صدام حسين، لكن منظر صراع الحضارات يقول ان ذلك سيشكل خطأ كبيرا.
لماذا؟
»لانه سيدعم حجة اسامه بن لادن ولانه سيؤلب جزءا كبيرا من الرأي العام العربي ضد امريكا.
سيخلق مشاكل مع الروس والفرنسيين في الوقت الذي يرى فيه ان القضية الرئيسية تكمن في القدرة على الحفاظ على استمرارية التحالف الدولي مع امريكا، خاصة فيما يتعلق بالدول الاسلامية والعربية، مما يعني انه لا بد من اخذ وجهات نظرها وحساسياتها بعين الاعتبار«.
اذن، وبما ان الامور تحمل دلالاتها وتحدد بذلك ما هو عكس هذه الدلالات، فان ضربة العراق ان حصلت، ستعني عبر قراءة عكسية لمقولة هنتنغتون:
اولا: ان التيار الامريكي الداعي الى الضربة والذي يتمحور بشكل رئيسي حول اللوبي اليهودي في البلاد، والممثل بلوبي وزير الدفاع رامسفيلد داخل الادارة قد انتصر على التيار الاخر، الذي يبني خياراته على مصلحة امريكا في عدم تأجيج الكراهية العربية والاسلامية.
ومن اهم ما تعنيه هذه المعادلة ان التيار الاول يلقى من يدعمه بشكل محموم، ليس في الولايات المتحدة وحدها بل على امتداد العالم، في حين تقصر القوى التي يمكن ان تلعب دورا سياسيا اقتصاديا ودبلوماسيا على الرهان الثاني وتدعمه.
ثانيا: النتيجة المنطقية للفرضية الاولى هذه، ولما يقوله هنتنغتون ان هذا الرأي العالم العربي والاسلامي الذي يحسب حسابه، هنتنغتون وتيار سياسي امريكي، سيكون هو الذي ترك كفة خيار الضربة يرجح، اذا ما تقاعس عن اطلاق انذارات غاضبة، ولن تعفيه من المسؤولية ردات فعل يظهرها بعد حصول الضربة.
فالمطلوب غضب وقائي لا غضب احتجاجي. وما ينسحب هنا على الرأي العام بقواه الشعبية والنقابية والحزبية والاعلامية، ينسحب ايضا على الحكومات التي هي اليوم قوية بحاجة الامريكيين اليها، قوة تمكنها من لجم الضربة او تركها تقع.
ثالثا: المسؤول الثاني سيكون، الروس والفرنسيين، هؤلاء الذين لا نتوقع منهم ان يكونوا ملكيين اكثر من الملك، وان يكون قلبهم على العراق اكثر من العرب، لكننا نعرف ان لهم لدى العراق من المصالح والعقود ولهم من الحسابات الاقليمية والدولية ما يكفي لدفعهم الى لعب دور في حلبة العلاقات الدولية التي اثبتت التجارب انها لا تقوم الا على المصالح.
واذا كانت امريكا اليوم ولاول مرة، تبدو ضعيفة بحاجتها الى استمرار التحالف الدولي والغطاء العربي الاسلامي لتحركها فان هذه الفرصة التاريخية لا يجوز ان تقزم حد اقتصار الثمن المدفوع لها، على تصريح شكلي مفرغ المضمون والنية، عن دولة فلسطينية هلامية، لا تترجم الا بمزيد من الدم والنار والاحتلال.
هنتنغتون يعترف بانه لا بد من مراعاة وجهات نظرنا وحساسياتنا.
فهل بات هذا المفكر المعروف بتشاؤمه متفائلا جدا، من حيث اعتقاده بانه ما تزال لدينا وجهات نظر وحساسيات، ام اننا سنرد عليه بقول الشاعرـ: »ما لجرح بميت ايلام«؟