مفارقات

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 13-12-2001

في النص الواحد تطلب المجموعة الاوروبية من الرئيس عرفات تفكيك الجهاد الاسلامي وحماس، وتطلب اقامة دولة الديمقراطية.

فأية ديمقراطية هذه، تلك المفصلة على قياس المطلب الامريكي، والذي هو بشأن فلسطين »ولبنان« مطلب شاروني؟

فالاسلام المطلوب الان امريكيا هو اسلام لا يقاوم ولا يجاهد ولا يقول لا للغرب ومطالبه. والا كان ارهابيا.

والديمقراطية المطلوبة هي ديمقراطية الصوت الواحد الذي يوافق دون مقاومة على المفروضات الامريكية – الاسرائيلية، بل وهي نفسها التي تتكفل باخراس اي صوت اخر يريد ان يرفض او يقاوم والا كان الامر ارهابا.

ووجود حماس والجهاد وحزب الله، يجعل الدول المعنية دولا راعية للارهاب، لكن وجود شاس، وكاهانا حي، وامناء الهيكل، بل ووجود ارهابي كشارون هي من ضرورات الديمقراطية المبررة.

بالامس سئل الناطق باسم الحكومة البريطانية: ماذا عن الارهاب الذي تمارسه اسرائيل؟

فاجاب: اسرائيل ليست منظمة ارهابية، انها دولة.

فأي جواب اكثر غرابة، واي منطق امريكي تدحرجت اوروبا الى تبنيه في بيانها الاخير.

اية غرابة ان يقف هيوبرت فدرين، امام كاميرات الاعلام ليصف المنظمات المقاومة بالارهاب، هو الذي يتحدث باسم جمهورية خامسة تستمد شرعيتها من المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي.

علامات استفهام وتعجب لا تكتسي اهميتها من ذاتها، فلن يفيدنا استنكار او سؤال استنكاري، بل هي تقودنا الى السؤال الاساسي: ما الذي يجعل الامور تتراجع بالنسبة لمصالحنا واوضاعنا على هذا الشكل، وكيف السبيل الى وقف التدهور؟

واذا كانت اللوبيات اليهودية قد وجدت في احداث 11 ايلول، والاجواء الدولية التي اشيعت ضد الارهاب، فرصة نادرة لضرب الانتفاضة وتصفية المقاومة باشكالها – هذا اذا لم تكن ثمة يد يهودية وراء الاحداث كلها – فان الموقف العربي الذي يفترض فيه ان يتصدى لهذا الاستغلال لم يكن يوما متماسكا، موحدا، قويا، كما يفترض فيه ان يكون كي يتصدى لهذه الحملة الشرسة..

واذا بكل دولة، تضرب منفردة، اخماسها باسداسها، وتدقق حساباتها بهلع وشلل.

واذا بأدق الامور المطلوبة، من مثل التركيز على التمييز بين المقاومة الوطنية ايا يكن طابعها العقدي، وبين الارهاب، او التركيز على قضية الاحتلال كأساس للصراع – لا على فك الحصار – وتينيت وميتشيل ولفهما.. لان التركيز الثاني هو الاساس المنطقي للاول.

اذن بهذه القضايا الاساسية تتردد على لسان مسؤول في هذه الدولة او تلك، لا تعمم او حتى تكتسب اغلبية او اولوية، مما يحرمها من الثقل والقوة، بحيث يقول السفير الامريكي في بيروت ان تأكيدات الرئيس لحود على ان حزب الله حركة مقاومة لا منظمة ارهابية لا يقنع الامريكيين.

الم يكن حظ تأكيدات الرئيس اللبناني بالاقناع اقوى لو قالها جميع العرب؟.

واذا كان لا بد في هذا السياق من التوقف عند الخطاب المركز الذكي الذي يلتزمه امين عام الجامعة العربية باستمرار والذي تجلى اخيرا في مؤتمر الدوحة، فاننا نتساءل لماذا لا يتشكل الاجماع حوله، لا بالاستماع والصمت، وانما بالتأييد والدعم والتبني؟

ام اننا اشبه بمجموعة اسرى تتكوم وامام كل منها حارس، وفي يد كل حارس عصا مختلفة يلوح بها في وجه الموكل اليه؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون