معركتنا في جنوب افريقيا!

شؤون دولية، 29-07-2001

وماذا تكون العنصرية اذن؟ ان لم تكن عقيدة تفضيل مجموعة عرقية او دينية على سائر بني البشر عنصرية!

ان لم تكن مقولة جابوتنسكي من ان اليهودي قد يعيش دهورا في اي بلد لكن عرقه يظل نقيا ولا يجوز لدمه ان يختلط بدماء الآخرين!

ان لم يكن ادعاء حق الهي في ارض واعتبار الآخرين »رجسا« عليها لا بد من تطهيره!

بل ان لم تكن مقولة »ابناء الله وابناء الناس«!

او مجرد لفظة »الاغيار« لوصف كل من لم يولد يهوديا.

ان لم يكن تخفيف جرم القتل، بل واجازته في الشرع اليهودي اذا كان القاتل يهوديا والقتيل »غوي« اي انسانا عاديا!

تلك الغرابة التي اوضحها اسرائيل شاحاك في كتابه »الديانة اليهودية، التاريخ اليهودي« وجاءت مئات التطبيقات تؤكدها وآخرها تصريح الحاخام »لاو« قبل يومين باجازة قتل الفلسطينيين دينيا.

ملاحظة: الحاخام لاو هو الذي وجه رسالة الى الاردن لمنع عقد ندوة رابطة الكتاب الاردنيين حول عنوان: »ما الذي حصل لندوة بيروت«، غير ان نداءه لم يلب«

ان لم تكن مجمل القاب الحشرات والحيوانات التي اطلقها اكثر من حاخام يهودي صهيوني على العرب: بدءا من مئير كاهانا والفيروسات، الى عوفاديا يوسف وتطور لغته من الافاعي الى الذباب!

ماذا تكون العنصرية ان لم تكن رفض الاندماج، هذا القانون الطبيعي الذي يخضع له كل البشر تلقائيا باستثناء اليهود الصهاينة، حتى من حمل منهم جائزة نوبل للسلام، حيث يشير شيمون بيريز في كتاب له صدر عام 1996 »اي بعد الجائزة« انه يدين كل يهودي مندمج في مجتمع »غريب« تماما كما كان سلفه الصهيوني اليساري بن غوريون يعبر عن احتقاره ليهود الديسابورا المندمجين.

ماذا تكون ترجمة العنصرية غير قوانين التمييز العنصري التي تطبقها دولة الصهيونية ضد المواطنين العرب الذين ما زالوا على ارضهم فيها، وغير مطالبات الفصل العنصري التي ينادي بها معظم المسؤولين، وغير رفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى بيوتهم بحجة ان ذلك »يغير الطابع اليهودي لدولة اسرائيل«؟

ماذا.. وماذا؟

وليوجه السؤال الى هذه الولايات المتحدة، التي تهدد بمقاطعة مؤتمر جنوب افريقيا، اذا طرح فيه موضوع الصهيونية: ماذا يحصل لدولتها العظمى، لمجتمعها المترامي، لو اصرت كل مجموعة من المهاجرين الذين شكلوها على عدم الاندماج؟

لو ظل انتماء الصينيين للصين والعرب للوطن العربي، والهولنديين لهولندا، والاسبان لاسبانيا… الخ.. فمن ينتمي للولايات المتحدة؟ وبماذا تكون دولة؟

علما بان هجرة جميع هؤلاء الى الارض الاميركية، هي بمقاييس علم الاجتماع، هجرة حديثة لم تكد تخرج من مخاض الاندماج بعد الوقت اللازم للحمل، في حين ان وجود اليهود في جميع دول العالم قديم قدم جميع مكوناتها البشرية، لا يفترض ان تكون آلاف الاعوام التي عجنته قد تركت فيه عنصرية او انتماء خارجا، لارض لم يمروا عليها الا عقودا قليلة، لا تتجاوز عمر الفرد الواحد.. كما لم تستطع ان تتجاوز مصطلح »العبور« تحمله حتى في الاسم.

ولا يتحدث احد هنا عن انتماء روحي للقدس، كما انتماء المسلم لمكة والمسيحي لبيت لحم.

الغريب ان الولايات المتحدة اذ تعترض على مؤتمر جنوب افريقيا فانما تشمل الصهيونية مع استعباد العبيد.. لكن احدا لا يتحدث عن الهنود الحمر.

والغريب ان الدول والمؤسسات الخاصة العربية تقف مكتوفة اليدين، فاغرة الفم، تبحلق في فضاء تتلقف منه اخبار التطورات كما تبثها وسائل الاعلام الاجنبية وكأن المعركة ليست صميم معركتنا..

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون