مسببات ونتائج

شؤون دولية، 06-12-2001

»لقد كان بن لادن نتيجة انتصار الولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي في افغانستان، فهل فكرت الادارة الاميركية، بماذا ستكون عليه نتيجة انتصارها الجديد هناك؟

ان مشكلة الولايات المتحدة هي في اصرارها على الانتصار دائما، أياً يكن الثمن ودون ان تفكر بنتائج انتصاراتها على المدى البعيد«.

كانت هذه الفكرة مضمون محاضرة القاها المفكر الاميركي الكبير نعوم شومسكي قبل اسبوع. ولو تأخرت محاضرته اسبوعا لكان بامكانه ان يطرح سؤالا مشابها حول ما يحصل اليوم في فلسطين.

فهذه الاسرائيل المحتلة، مصممة ليس فقط على الانتصار، وانما ايضا على تدمير الآخر تطبيقا للروحية التوراتية، التي لا تملك التوقف عن اللحاق بعامود النار.

ولكن، ألم تكن مأسسة المقاومة الفلسطينية وتنظيمها نتيجة لانتصار حزيران الاسرائيلي؟

ألم تكن نتيجته ايضا حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر؟

ثم ألم يكن ميلاد المقاومة اللبنانية نتيجة اجتياح الـ 82، وتبلور هذه المقاومة في تنظيم حزب الله، ومن حوله نتيجة استمرار العدوان؟

ألم تكن الانتفاضة الاولى، نتيجة انتصار اسرائيل في اخراج المقاومة من لبنان، بعد استهداف تصفيتها؟

والانتفاضة الثانية نتيجة »انتصار« غير مباشر تحقق في حرب الخليج، وترجم على الارض بفرض الصيغة السلمية وفق الرؤية الاسرائىلية؟

فهلا تساءل المسؤولون الصهاينة عما يمكن ان ينتج عن انتصار موهوم، يتمثل في تدمير البنى الفلسطينية، بنى الناس، وبنى السلطة؟

لقد اوضحت تصريحات المسؤولين الاسرائيليين امس ان الهدف ليس تصفية عرفات، وانما تركيعه، ولكن ألم يسأل هؤلاء ما اذا كان بامكان عرفات ان يركع بعد كل الدم والنار؟

وحتى لو اقدم هو على ذلك، فهل سيقبل به شعب تجاوز حاجز الخوف، والغى الحواجز بين الموت والحياة؟

لا شيء سينتهي، والنتائج ستتحول الى مسببات لنتائج جديدة، وفي النهاية لا يصح الا الصح…

ولكن، بما ان هذه المعركة مفتوحة، والى ما لا ندري، فان أي خطأ في التكتيك السياسي لا يؤدي الا الى اطالة امدها، وبالتالي زيادة نسبة ضحاياها.

واول هذه الاخطاء واهمها هو القفز فوق أساسية بديهية في تسويق المرحلة الحالية من المعركة وهي بديهية ان الحرب حرب محتل واحتلال، لا مجال فيها لكلام عن حرب ارهاب.

وبقدر ما تبدو هذه البديهية بسيطة، بقدر ما نجدها غائبة عن خطاب المسؤولين العرب، بل ان عددا كبيرا من التصريحات يتضمن موافقة ضمنية على اعتبار العمليات الاستشهادية ارهابا، بما في ذلك التصريحات القائلة بأن اسرائيل لا تعطي ياسر عرفات فرصة مكافحة الارهاب. أي ارهاب؟ ومن هم الارهابيون؟ وأين منطق التمييز بين المقاومة الوطنية المشروعة وبين الارهاب؟

مشروعة، طبعاً حتى في الاعراف الدولية، خاصة وان جميع قرارات الامم المتحدة تعترف بواقع الاحتلال وتطالب بالغائه.

واذا كانت السياسة الاسرائيلية تعمل على استغلال المناخ الدولي الرافض للارهاب، لالصاق هذا التوصيف بمن يقاومها، فهل يقوم الخطاب العربي بخدمة هذا الهدف؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون