بعد ان بلغ عيزرا هاريل، الرئيس المؤسس للموساد، تقاعده، عبر في مقابلة صحفية عن فخره بكون الموساد تمكن ان يشكل في عهده امتدادات في جميع انحاء العالم، لا تتمثل فقط في شبكة العملاء، وانما ايضا فيما يسمى »فرق الدفاع الذاتي« المدربة والمسلحة، واشار الى انه عندما كان وجهاء الطائفة يترددون في ذلك، كنا ندفع الشباب الى المبادرة بدءا من نواد رياضية.
وفي دراسة توثيقية لمركز دراسات »فاكثا« في فرنسا، تم رصد ما يزيد على سبعين عملية ـ متفاوتة في حجمها ـ نفذتها هذه الفرق في فرنسا، واقل منها بقليل في الولايات المتحدة.
هذا في حضن الغرب نفسه، كي لا نتحدث عن حجم عمليات الارهاب التي مارسها هذا الجهاز او القوات الاسرائيلية او المستعمرون في العالم العربي او ضد مواطنين عرب.
ورغم ذلك فان الذي يدفع تعويضات هو هذا الغرب نفسه، وبالمليارات، تعويضا عن »جريمة الهولوكوست« التي فرض الزمن تقادمها، واثبتت الدراسات العلمية الجادة كذب معظم ادعاءاتها.
وواقع الامر اننا نحن من يدفع رغم اننا تنقلنا من هولوكوست الى آخر، ابشعها ما ينفذه الاسرائيليون.
حتى جريمة اليورانيوم المنضب التي باتت ثابتة، وتفوق في حجمها جريمة هيروشيما وناكازاكي، وتمتد في تأثيرها مئات آلاف السنين، فانها لم تصبح مدار جدل اعلامي، الا عندما بدت ظواهرها على جنود الغرب نفسه، وحتى الآن، يتناول الجدل كوسوفو، ونادرا ما يذكر العراق والخليج.
وتهب الجهات نفسها لمطالبة ليبيا بتعويضات عن طائرة لوكربي. بل وتلوح محاكم فرنسية بمحاكمة الرئيس الليبي نفسه، كمحاولة ضغط اضافية، وبالرغم من موقف الحكومة الفرنسية نفسها.
فلماذا لا نقيم مقاصة بسيطة بين ضحايانا وضحاياهم، بين خسائرنا وخسائرهم، بين ارهابنا وارهابهم؟
لماذا لا نسأل: كيف يدفع الجميع تعويضات الاّ اسرائيل؟
تعويضات تدفع، وتعويضات يتم الحصول عليها، بالتلويح بمختلف الفزاعات ووسائل الضغط، خاصة تهمة اللاسامية والحنين الى النازية كما حصل مع النمسا عندما انتخبت ديمقراطيا حزبا لا ترغب به اسرائيل.
وفزاعات اخرى ترفع في وجه تركيا، اليابان، وحتى الولايات المتحدة نفسها..
الاّ اسرائيل ويهودها.. قد تكون ليبيا بريئة، وقد لا تكون.. وفي الحال الثاني، افلا تكون المفارقة الغريبة، ان المقاصة المطروحة قد لا تكون بين لوكربي وبين ضحايا القصف الامريكي العدواني على ليبيا، وخسارات شعب من حصار امتد طويلا..
بل ربما تكون المقاصة الرمزية بين طائرة رمي منها محرر ليبيا، شيخها وشهيدها، في عملية اغتيال واستشهاد فريدة… وطائرة قد تكشف الايام انه اريد منها اغتيال ليبيا واعادة استعمارها بالابتزاز الاقتصادي، والتركيع السياسي..
بين عمر المختار ولوكربي.