المسؤول الفلسطيني يتحدث للفضائية، عن الاوضاع في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، يذكر »الامة العربية«، ينتبه المذيع ويقاطعه: »على سيرة الامة العربية ماذا تتوقعون؟.. الخ…«.
ويتوارد السؤال: كيف السبيل لان يصبح ذكر الامة العربية اساسيا وليس »على سيرة…«؟
لكأنها الحاضر الغائب، الغائب الكبير، الذي اذا حضر بمؤسساته ووفوده، جلجل، وضج، وبلبل كل شيء، واربك كل شيء، وازدهى الظاهر باحتفاليته وتهديد حجمه وقدراته، فاذا ما وصل الحوار نقطة حسم حقيقية تلمس جرحا ساخنا، انفتحت هوة الخلافات الاندلسية، والعجز وانكشفت عورة ازدواجية الخطاب، او الازدواجية بين الخطاب والفعل.
واذا ما نجحت عملية ترقيع الهوة باتخاذ قرارات، جاءت مراحل التطبيق، ليل يمحو كلام النهار ولا بأس من قلب المأثور هذه المرة.
ادعوه الى تشاؤم، لا تغذيه فقط معرفة الواقع العربي الداخلي وانما ينفخ فيه واقع التبعية العربية المريرة للآخر.. هذا الاخر المحكوم بدوره ليس فقط باعتباراته الامبريالية العولمية، وانما بالاعتبارات اليهودية الصهيونية الاسرائيلية.
فهل كانت جولة باول التحضيرية قبل القمة، بدون نتائج على مستوى المواقف والقرارات؟
وحتى اوروبا، هل تقف اللوبيهات اليهوية فيها، بعيدا عن اللوبيهات المالية والاقتصادية والثقافية، التي تحكمنا عبر ديوننا، ومساعداتنا، والتمويل الاجنبي الذي يقولب التوجهات الثقافية والفنية والبحثية والاجتماعية لدى الكثيرين منا، افرادا ومؤسسات.
من هنا، يأتي تركيز القمة على البعد الاقتصادي امرا مطلوبا وتأسيسيا لانه لا يمكن للتبعية السياسية الثقافية ان تنفك، اذا لم تنفك التبعية الاقتصادية، فلا حرية لمدين، او لتابع ماليا.
واذا كان السؤال الاكثر ايلاما يتعلق بواقع هذه الامة التي يعيش العالم على ثرواتها، ليعود فيستعمرها بها، فان السؤال المبشر بكوة ولو صغيرة للأمل، يدور حول امكانية توظيف هذه الثروات لتحقيق تحرر سياسي، وتأمين تنمية مستديمة، حتى ولو ببطء تدريجي.
وفي هذا السياق لا يكون الدعم المطلوب للانتفاضة الفلسطينية مقتصرا على الملح منها، وهو تقديم المساعدات المالية الفورية التي تمكن الناس من العيش والاستمرار في المواجهة، وتحمي المؤسسات من الانهيار، وانما يتجاوز ذلك الى خطة استثمارية بعيدة المدى تفك التبعية الاقتصادية الكاملة التي يعيشها الفلسطينيون ازاء اسرائيل.
كذلك يكون المطلوب، على المدى العربي، الا يكون التنسيق، والتوجه التوحدي سواء من حيث التسهيلات الجمركية او من حيث السوق المشتركة، مدخلا لتسهيل الطريق امام اسرائيل لدخول الاقتصاد العربي بالجملة بدلا من المفرق، وذلك تخوف يعززه ان التوجه لتسهيل المبادلات والسوق، لا يترافق بتوجه مماثل لتفعيل الانتاج والاستثمار العربيين والحماية.
مما يجعل هذه الأمة حصنا لا يذكر »على سيرة…«.