عقوبات.. ذكية

العراق، 04-07-2001

من قال ان حرب الخليج قد انتهت؟ 32983 طلعة جوية خلال السنوات الثلاث الاخيرة، اوليست حربا؟

الحصار والافقار والتخلف الالزامي قهرا، اوليست حربا؟

ولكن السؤال: حرب على ماذا؟

ولأجل اي هدف؟

الكويت تحررت كما لم تتحرر فيتنام، والخليج وقد لفته عباءة الليل الامريكية دون ان تترك له ثقبا للضوء.

ومعاهدات السلام وقد تدحرجت، بمباركة الراعي الصالح. ولكن: هل تحققت الاهداف الامريكية الاوروبية الاسرائيلية؟

الولايات المتحدة وقد قالت بلسان وزيرها جيمس بيكر عام 1990 انها تريد اعادة العراق الى العصر ما قبل الصناعي وبلسان رئيس اركانها عام 1990 ووزير خارجيتها عام 2001 انها تحتاج السيطرة على منطقة الخليج ونفطها، بما فيها العراق، في المواجهة الاستراتيجية المقبلة مع آسيا واوروبا.

واوروبا وقد دخلت التحالف الدولي لتحافظ على حصتها في المولد، فخرجت منه بلا حمص، خاصة فرنسا التي عاب عليها وزير دفاعها، المستقيل احتجاجا، في حينه، ميركانتيليتها الفجة في التعامل مع العالم العربي وتحديدا مع العراق.

واسرائيل، وقد وعدت نفسها بتحقق مراحل الحلم الصهيوني التي كانت تعني التقاء ذنب الافعى برأسها حول اسرائيل الكبرى عام ،2000 ان لم يكن عسكريا، فكما بنى لها استراتيجيتها شيمون بيريز حلم الشرق اوسطية.

لكن ما قاله كولن باول عام 1990 ان على واشنطن ان تسيطر ولكن بوسائل لا ترفع منسوب الكراهية لها في الشارع العربي، ولا تنمي التطرف الاسلامي والقومي..

وها هي الكراهية تبلغ اعلى مداها، وها هو »التطرف« ينمو كما لم يحصل سابقا.

لكن ما ارادته اوروبا لم يحصل وها هو جورج بوش الابن يتحدث عن اوروبا في آخر خطاب له في فارصوفيا، باعتبارها مجرد امتداد للسيطرة الامريكية حتى حدود الاتحاد السوفياتي، ولا تفيد في ذلك صيحات دعاة الاستقلالية عن الامركة، بان اوروبا لم تعد اوروبا الاوروبية بل اصبحت اوروبا الامريكية.. مجرد تابع معلق في ذيل التنورة الامريكية كما قال متخوفا، جان بيير شفينمان، في حين ان الميركانتيلية لم تنفع فرنسا شيئا، بل قادتها الى خسارات متتالية، وبذات العقلية الميركانتيلية ها هي تحاول الآن ان تتعلق بقطار »العقوبات الذكية« علها تحصل منه شيئا..« »استثمارات« كما قالت صراحة.

اما اسرائيل.. فحلم الشرق اوسطية، بات ابعد منه في اي وقت مضى، وتوقيع المعاهدات لم يمنع اندلاع اعتى انتفاضة في فلسطين، ولا تحرير جنوب لبنان، دون اتفاقية.. وكل الضغط الرهيب على سوريا وعلى العراق، لم يقد اكبر دولتين في »اسرائيل الكبرى« او الهلال الخصيب، الى توقيع يفتح البوابات العريضة امام التهويد الاقتصادي والثقافي.

ما الذي تحقق اذن؟

ـ سيطرة الولايات المتحدة على نفط الخليج؟ ولكن ليس بعد على نفط العراق، في وقت تبرز فيه المواجهة الكامنة تحت القش مع الصين. مما سيشكل في حال انحياز العراق الى هذه الاخيرة، ودخول روسيا جديا على الخط، الى ارهاصات توازن نفطي، جيوبوليتيكي، قد يشكل ارهاصات توازن دولي جديد.

ـ اعادة العراق الى العصر ما قبل الصناعي؟

ربما يبدو ذلك على سطح الواقع متحققا، لكن العراق لم يفقد اصراره على الانطلاق من جديد وتعويض فترة القمع والخنق الحالي. وليس من المستحيل على بلد يختزن في ذاكرته الجمعية ارثا الفيا نادرا، ان ينطلق بقفزات تعوض كل شيء، يدفعها عطش عميق حار الى الانتقام، للذات الحضارية قبل كل شيء.

افلا تنبت شجرة ممتدة الجذور قديمتها، بسرعة غريبة بعد قص جميع فروعها، ولو على مستوى الارض؟

تنبت بسرعة مذهلة، واخضرار باهر…

لذا فان العقوبات الذكية، هي فعلا ذكية، لانها تدرك ذلك وتريد منعه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون