حوار مع بيريز

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 14-08-2001

“لقد كنا مستائين من العلاقات التي قامت مع اللبنانيين – لقد اعطيناهم الانطباع بأننا سنقاتل عنهم. انني اعرف شخصياً قائدين مسيحيين في لبنان، بشير الجميل، ابن بيير الجميل، وداني شمعون ابن كميل شمعون. وكان هذان الاثنان يتقاتلان باستمرار. عادة ما كنت التقيهما كثيراً وأنا وزير للدفاع. وفي أحد الأيام بينما كانا معاً في زيارتي، اخذت منهما وعداً بألا يتابعا، كابنين، خلافات والديهما. لقد و عداني بذلك وقلت لهما: “اذا ما اصابت المسيحيين في لبنان كارثة سنكون الى جانبكم.. مذبحة هولوكوست.. ولكن خارج ذلك ارجوكم ان تتذكروا بأن عليكم أن تقاتلوا عن انفسكم. لا تعتمدوا علينا كي نحارب حربكم. كما أرجوكم ألاّ تندفعوا في حرب اذا لم تكونوا على ثقة بأنكم جاهزون لها. لا أن نكون نحن في اسرائيل جاهزين، بل ان تكونوا انتم جاهزين. والا فلا تندفعوا”.

ولكنني اعتقد ان بيغن وشارون كانوا أكثر تحمساً للمسيحيين اللبنانيين، مما جعلهم ينجرون بعيداً. والمسيحيون كانوا يريدون منا فعلاً ان نحارب عنهم. وهذا ما كان مستحيلاً”.

شيمون بيريز

كتاب: “حوار مع شيمون بيريز”:

لـ: روبرت ليتل: ص 85

صادر عام 1997

 

قد تكون البنية العامة لهذه الفقرة موجهة، خاصة وأنها جاءت جواباً على سؤال حول صبرا وشاتيلا. ولكن ما يتضح فيها أولاً هو محاولة للتهرب من السؤال او للإجابة غير المباشرة.

وثانياً – وذاك هو الأهم – طبيعة الذهنية الاسرائيلية التي تتعامل مع اللبنانيين، خاصة في اختلاف الاسلوب بين رأسي النظام الحالي: شارون وبيريز.

وثالثاً – ان الوقائع الواردة فيها لا يشوبها ادنى شك، خاصة وأنها كانت معروفة في اوساط اللبنانيين جميعاً.

غير أن العودة اليها اليوم، ليست إلاّ لالقاء ضوء على ما حدث في لبنان خلال الأيام الماضية، وما تكشف من علاقات مشبوهة لقادة التحرك العوني القواتي مع الاسرائيليين، للتخطيط لعمل ما على الارض، ضد لبنان بشقه المقاوم، الصامد حكومة ومقاومة امام الضغوط الاسرائيلية والدولية، وضد سوريا، من ضمن الحملة التي تشن ضدها حالياً لأسباب لا تخفى الا على العميان، وقد حملها سترفيلد صريحة قبل يومين الى فاروق الشرع: اوقفوا دعم المعارضة الفلسطينية، اوقفوا دعم حزب الله، اوقفوا التقارب مع العراق، او خففوا منه.

واذا كانت قوات الأمن والجيش اللبنانية قد تداركت “العمل على الارض” وهو في مراحل التحضير، فان الحديث عن صيانة الحريات يصبح امراً عبثياً، مهما كان المتحدث ملتزماً بقضية الحريات. فليس التآمر على الوطن لتقسيمه وتخريبه حرية، وليس التعامل مع العدو حرية وإلاّ لأصبح كل سارق حراً فيما يفعل، وكل قاتل حراً مثله، ولأصبحت مخالفة السائقين لقوانين السير حرية.

فالأحرار، هم أولئك الذين يلتزمون بمعيار واحد: مصلحة الوطن، ومصلحة الجماعة. تلك التي لا يجوز اخضاعها للمناقشة عندما يتعلق الأمر بالقضية الأساسية الأولى: الصراع العربي – الاسرائيلي.

يحق للبنانيين (لا للمسيحيين) ان يعملوا على تصحيح العلاقة اللبنانية – السورية، كما يحق لهم، ويجب عليهم، ان يعملوا على اصلاح العلاقة اللبنانية – اللبنانية، وكما يحق للجميع العمل على تصحيح أداء اجهزة النظام السوري ازاء نفسها وازاء تعاملها مع السوريين واللبنانيين، وهذا ما قاله بشكل أو بآخر بشار الأسد.

ولكن شرط التمتع بهذا الحق هو حسن النية، والاخلاص للبلدين معاً: لبنان وسوريا.

حسن نية لا يمكن ان يتوفر مع عقلية انعزالية اقليمية، لم تتعلم من تجربة الاعتماد على اسرائيل، والعمالة لها.

حسن نية لا يمكن ان يتوفر إلا عند من يتمتع بوعي قومي يتجاوز الفئويات والطائفيات. ويشعر بكرامة قومية يصفعها بحدة التعالي الذي ينضح من كلام بيريز اعلاه. الذي تعمد ذلك بخبث واحتقار، كما تعمد ان يستعمل تسمية “المسيحيين” في ايحاء أكثر خبثاً، ودقاً للاسافين الطائفية، وكأن كل مسيحيي لبنان محمية اسرائيلية. ناسياً ان آخر برلمان لبناني قبل الحرب لم يكن يضم إلاّ اربعة عشر نائباً كتائبياً من بين تسعة وتسعين.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون