»ان اميركا هي الانانية مجسدة، الشر الذي اصبح ممنهجا وعاديا«.
ليس أسامة بن لادن من يصوغ هذه العبارة، ولا فلسطيني من الذين يخنقهم دعم اميركا غير المحدود لاسرائىل.
انه عالم اجتماع فرنسي يدعى بيير بوشنر عاش في نهايات القرن الماضي (1840).
اذن هل يمكن ان يكون العداء للامركة قديما بهذا القدر؟
واذا كان الامر كذلك فإي مرحلة بلغها الآن، بعد كل ما فعلته هذه الامبراطورية طوال قرن ونصف؟
بالامس كان هذا السؤال يشغل ستيفن شليسنغر وهو يتحدث عن »كراهيات« لا كراهية واحدة لاميركا.
وبعده جاء دور المؤرخ البريطاني طوني جودت ليقول: ان على الاميركيين ان يبذلوا جهدا حقيقيا ليفهموا ما يقوله ملايين الاجانب عن بلادهم، بل ما يستشعره هؤلاء من كراهية وقلق.
اليسار الاميركي ليس بعيدا عن هذا الموقف، وربما جسدت ماري بريد رأيه بقولها: »ايا يكن الشكل الذي يمكن تفسير احداث 11 ايلول به فان الولايات المتحدة هي التي جلبته لنفسها«.
لكن توني جودت الذي يتفق معها في مقولة اننا »نحن في اساس مشاكل العالم: امبريالية، استغلال، عولمة، الخ… ولذلك فليس لنا ان نعجب من ردة الفعل« يعود فيحتج على سلوك اليسار الاميركي متهما اياه بالعودة الى الروتين: المظاهرات، البيانات، يافطات الاحتجاج.. ويطالبه بتحرك اكثر فاعلية.
لكن في مواجهة هؤلاء ومن حولهم تيار آخر يؤمن بمقولة ان العالم يكرهنا، لا لما فعلناه، بل لما نحن عليه، من ديمقراطية وتعددية وثراء ورخاء واخلاق واحترام لحقوق الانسان.
فما الذي يمكن ان نرد به نحن على الاخص شعوب العالم الثالث على هذا الطرح الثاني وبما يدعم التيار الاول؟
أنحمل لهذه الامبراطورية الحامية للديمقراطية ولحقوق الانسان صور التعامل مع الاسرى: من مذابح الاسرى المصريين على يد المحمية الاسرائيلية. الى مذابح الاسرى المسلمين في افغانستان مرورا بعشرات النماذج المماثلة؟
أم نحمل لها مذابح المدنيين في فيتنام الى العراق الى افغانستان؟
هل نذكر بتصريح وزيرة خارجيتها مادلين اولبرايت من ان موت مليوني طفل عراقي هو ثمن تستحقه مصالح اميركا، ام تصريحات وزير دفاعها رامسفيلد الذي يشترك مع الاولى في انتمائها الى المجموعة اليهودية التي لن تتأخر عن رمي اي مسؤول في العالم بتهمة اللاسامية لو تجرأ وتحدث عن شيء بسيط من جرائم الصهيونية، او من واقع اليهود او حتى أي حديث يتعارض مع مصالح اليهود »كما يعرف العراب الاعلامي اليهودي ايلي ويزل اللاسامية انها اي كلام او فعل يتعارض مع مصلحة اليهود« ولن يشفع للمعني كونه ساميا بدوره او مضطهدا من قبل اليهود واسرائىل ألم ينعت بذلك الرئىس بشار الاسد والاب عطا الله حنا؟
هل نرفع الصوت عاليا بكل التمييز العنصري الذي تفجر ضد العرب والمسلمين في اميركا بحيث سجلت لوس انجلوس وحدها 1452 حالة احتداء 12% منها مارسها رجال الامن والمباحث وفق ما جاء في تقرير لمجلس العلاقات الاسلامية الاميركية؟
هل نسأل بقوة، والتهديدات تنهال على العراق، »واذا الموؤودة سئلت؟!!!«.
لكن لا.. العراق رغم كل شيء ليس موؤودة ضعيفة ولا وأده قدر مطبق على عنق مستقبل هذه الامة لا ولا هو الجدار الخفيض الذي تعوض به الولايات المتحدة فشلها في افغانستان.
فشلها؟ اجل! فقد حطمت طالبان ولكن الذي جنى هم الروس وتحالف الشمال.. وكادت ان تكون ايران لولا اللوبي اليهودي الاميركي طالما ان الجنى هنا لا يحمل في سلة وانما في انابيب تعبر اما الى كراتشي او الى تركيا او الى ايران ومنها الى الخارج.
وإذ الامر كذلك فهل لنا ان نكتفي بالشماتة، او الفرح في عرس الجيران ام ان علينا ان ندرك ان الحرية وحدها هي علاج الاستعباد لا تغيير السيد.