ان تترك كل القضايا الحارقة “لا الساخنة” لتكتب عن مؤسسة المواصلات، لأمر قد يبدو من باب ترك الاهم الى الاقل اهمية. لكنها الهموم اليومية للناس هي التي تجعلهم اقل قدرة على الاضطلاع بالهم العام. هذا من جهة اما من جهة ثانية فان توجه اي اقتصاد من القطاع العام الى الخصخصة يفترض تحسنا في مستوى الاداء، او على الاقل الحفاظ على المستوى السابق منه.
هذا ما يفترضه المنطق الاقتصادي المتخصص، كما يفترضه المنطق العادي لعموم المواطنين.
فلماذا الخصخصة؟
ألمجرد بيع المؤسسات وانتقال ارباحها من صندوق الدولة الى صندوق المستثمرين؟
الم يكن المقصود اشراك القطاع الخاص في ادارة شؤون الناس وخدماتهم، لكي تتحسن هذه الخدمات بناء على منطق التنافس وحرية السوق؟
لماذا اذن لا تفتأ شكوى المواطنين من التعامل المتعلق بفواتير هواتفهم تتفاقم؟
خطوط تفصل، ولا يكون صاحبها قد استلم الفاتورة التي ادت الى الفصل.
فواتير تتكرر، ويضطر صاحبها الى دفعها مرتين لانه حين يشتكي يواجه بان »الكومبيوتر لا يخطىء« ولا ندري من الذي اخطأ.
مكالمات تنزل على الفواتير الى بلدان لم يسمع صاحب الهاتف باسمها وليس لديه فيها من يتصل به الى درجة اصبحت موضوع تندر بين الناس.
توقيتات اصدار الفواتير تتأرجح ولا تثبت على مواعيدها المحددة كما كان الحال يوم كانت المؤسسة حكومية.
فواتير تصدر بالجملة وعندما يطالب المكلف بالتفاصيل يقال له بان عليه ان يذهب الى مركز اخر للحصول عليها.
واخيرا اختراع ان يودع المشترك مالا سلفا في صندوق لدى المؤسسة كي تحسم منه المستحقات عليه والاصح كي يضيفها المستثمر الى استثماراته، وغير ذلك من الامور التي يطالبنا القراء بان نثيرها في زوايانا الصحفية، مؤكدين انها كانت اكثر وضوحا وتنظيما، قبل ان تنتقل الى يد الشركة الخاصة، كما كان الموظفون اكثر تعاونا مع المشتركين.
ونحن اذ نثيرها فانما نرجو الا يكون رد الشركة كلاميا تبريريا، او هجوميا منكرا، بل ان يكون دراسة واقع الامور وصولا الى راحة الناس لان الاتصالات قطاع يدخل علميا وعمليا ضمن ما يسمونه قطاع الخدمات..والخدمات يجب ان تخدم الناس اولا واخيرا.
والا فان الحل الوحيد، هو تلك الضمانة التي يقوم عليها اقتصاد السوق، الا وهي ضمانة المنافسة، التي تقتضي وجود اكثر من مؤسسة واكثر من شركة.