اهو امر من باب اننا بتنا (شحاذين) نفرح للكسرة ان وقعت لنا بيد؟
ام انه وعلى العكس من ذلك، مؤشر يقول انه لا (يصح الا الصحيح)؟
ان لا تجد السفارة الاسرائيلية فندقا عمانيا يقبل باستضافة حفلها بمناسبة (قيام دولة اسرائيل) او (دولة اليهود) كما تسميها الصهيونية العالمية. وان يضطر السفير الى اقامة الحفل في منزله، مساء امس، اي مع تقديم للموعد، لامر يؤشر الى تراجع وهم التطبيع، الذي سحقه واقع صور تتحدى العيون بكشافاتها: سيارات تمتزج اشلاؤها باشلاء مناضلين وقادة كانوا فيها.. بيوت تجرفها التماسيح الالية ومعها الزيتون الالفي والاطفال.. جثث مشوهة، وجنازات تكاد مألوفيتها تذيب الفجيعة الفردية في الفجيعة الجماعية، ويكاد تواترها يستجدي مهلة للحزن، حصار، ودمار ودم..
ولكنها في كل ذلك صور اقل فجائعية من كمامات الواقع العربي، قيوده او شلله.
اقل فجائعية، لانها اكثر امتلاكا لباحة الفعل، لباحة الحقيقة، في حين تتسع باحاتنا للطواويس، والابواق، لمسرح الدمى، والمهرجين ولمحدودبي الظهور والنفوس.
اقل فجائعية، لان اخر تحليل قرأته، في مجلة فرنسية يقول ان ازمة المنطقة تقوم في اربع نقاط عجز:
عجز اسرائيل عن التوفيق بين صوت العقل والواقع وصوت رغبات يهودها وحرارهم.
عجز السلطة الفلسطينية، حتى ان ارادت، عن منع انتفاضة شعب جرب الاحتلال ووهم السلم، الذل والكرامة، واقسى ما يمكن من الاضطهاد وحلم الحرية.
عجز الحكومات العربية عن الاستجابة لامال شعوبها في دعم الانتفاضة، وعجز هذه الشعوب عن فرض آمالها واقعا.
واخيرا عجز اوروبا نفسها عن حسم وضع، تقع نتائجه في صميم دورها ومصالحها.
فهل في كل هذه البنود عجز لا يعني ضمنا الا عكسه، غير ما اسمته المحللة (العجز الفلسطيني)؟
انه العجز عن قمع اللاعجز، عن اخراس الصوت، وتدمير الفعل تحويل الايجاب الى السلب.
هذا التمرد على الموت، هو ما جعل كفة الاحياء ترجح، وجعل الموتى القابعين في الكفة الاخرى يدارون موتا كانوا بالامس القريب يفاخرون به.
جعل السفارة الاسرائيلية تعود عن ابواب الفنادق مخذولة. ولكن..
ماذا بعد؟
ماذا بعد ان استمرت الانتفاضة وكيف يصار الى استثمارها؟
ماذا بعد، ان اجهضت الانتفاضة وهنا السؤال المخيف؟
اذن فالسؤال الوحيد المفروض هو ذلك المتعلق بوسائل دعمها.