الواشنطن بوست تتساءل عما اذا كانت الازمة النفطية ستجعل من العراق الام تريزا، بالنسبة للغرب؟
لندن تتساءل ايضا: هل سيكون العراق مفتاح الرفاه الغربي في المرحلة المقبلة؟
والتلفزيون الفرنسي، من على قناته الخامسة – الاكثر تشجيعا للحرب في التسعين – يترك ناشطة اعلامية فرنسية تدعو الى رفع الحصار، وبلغة حماسية، ليست تلك التي تبناها كلود شايسون، او رينيه ديمون او جان بيير شفنمان في معارضتهما للحرب والحصار منذ التسعينات.
الكل يشهد ذوبان ثلج الحصار، وبتسارع كبير، والكل يتساءل – رغم فرحه بالانقشاع الجزئي – ما الذي جعل الحرارة تدب في الجو؟
كثير من الذين عارضوا الحصار في البداية، والذين يدعون الى رفعه الان، خاصة في اوروبا، يبررون موقفهم بالحاجة الماسة الى الحفاظ على دولة كبيرة قوية في المنطقة، ذات توجه علماني او على الاقل غير اصولي، وذلك لاقامة التوازن مع ايران من جهة، ومع المد الاصولي السني المتنامي من جهة اخرى.
واذا كان جان بيير شفنمان قد اورد ذلك صراحة في كتابه، وذلك في معرض توضيحه لموقف كولين باول التناقض مع موقف الرئيس بوش الاب، حيث قال ان من شأن الحرب ان تزيد الحقد في منطقة يمتزج فيها الدين بكراهية الغرب، ويصر فيها رجال الدين على السيطرة على القرار، فان ما ينتج عن هذا التحليل يقع في اكثر من بند.
اولها ان نمو »الحقد الذي يمتزج فيه الدين بكراهية الغرب«، لم يكن يوما اكثر تأججا منه اليوم مع الانتفاضة الثانية.
وثانيهما ان نفوذ ايران، لم يكن يوما، ايضا، اقوى منه الان، بعد رسم الانتصار اللبناني على رايات حزب الله، وبعد تحسن علاقات طهران مع العراق نفسه، ومع مصر والخليج، اضافة الى علاقاتها الثابتة مع سوريا.
وثالثهما، ان ذلك كله لا يعني النتائج نفسها بالنسبة لاوروبا والولايات المتحدة، على حد سواء، فعلاقة الاولى بالاصولية الاسلامية، وخطرها تختلف كليا عن الثانية، لاسباب جيو سياسية وديموغرافية، وما يتعلق منها بتاريخية العلاقة.
هذا اضافة الى ان مصالح القارتين في المنطقة، هي في الغالب متناقضة، وكثيرا ما غذى تناقضها الصراعات المحلية.
من هنا، من نافذة هذا التناقض تنفذ الامور الى قضية النفط، ورفاه الغرب.
فنجد كولين باول يؤكد مرة اخرى عام 1990 ان اهداف الولايات المتحدة في المنطقة تتمثل في منع ضم الكويت والسيطرة على النفط، سيطرة تؤمن لبلاده، على المدى الاستراتيجي، الغلبة في المواجهة بينها وبين اوروبا واليابان.
واذا كان الحصار الاميركي على ايران، وقانون المقاطعة الشهير، قد اديا في النهاية الى دخول اوروبا بكثافة الى سوق النفط الايراني، وان تحت جناح شركة النفط الوطنية، »25 عقدا في مؤتمر واحد عام ،1999 وافتتاح توتال لاول حقل نفطي نفذته على جزيرة ايرانية عام 2000«.
فان ذلك يجعل من العراق ساحة تنافس اغلى، وربما قادنا الى السؤال: هل تفجرت الازمة النفطية تلقائيا، ام انها افتعلت؟ ومن قبل من؟ ولماذا؟ لكن العراق ليس النفط فقط.
العراق هو المياه.. وحرب المياه في المنطقة، هي الاخطر، والاكثر حيوية واستعصاء، وربما الاكثر تحريكا للصراعات والاكثر بعدا عن الحسم بعد.
والعراق، بذلك كله، واضافة الى ذلك كله، هو القوة الرئيسية في ما هو لنا »الهلال الخصيب« ولليهود »اسرائيل الكبرى«، والورقة التي لا بد منها في ثالث اهداف ازمة الخليج، بحسب كولين باول، والاوروبيين، وكل مواطن عندنا: العملية السلمية العربية – الاسرائيلية.