تستطيع اسرائيل ان تمنع طائرة الرئيس الفلسطيني من الاقلاع، ولكن السؤال الكبير التاريخي يظل: اذا كانت الضغوط الدولية المنحازة الى الدولة المغتصبة تسمح لها بهذا المنع، فهل هناك قوة تستطيع منع شعب من الاقلاع، الاقلاع عن التطلع الى الحياة؟ او فرض اقلاع عن الحياة عليه؟
بالمنظور المرحلي، قد يفرض على هذه الامة كل شيء، طالما ان مطلب وقف الانتفاضة هو امنية خفية لدى الكثيرين، وطالما ان اعتكاف نفط العراق، يعوضه تدفق نفط عربي آخر، باختصار طالما ان الارادة الاحتجاجية هنا، تقوضها استجابة تلبوية هناك.
استجابة يبقى لنا ان نتساءل عما اذا كانت ستهب بهذه السرعة لتعويض الاردن، لو ان العراق تجاوز التزامه القومي ولم يستثن هذا الشقيق من وقف الامداد بالنفط؟
لكن السؤال يقود الى آخر: بماذا يقابل هذا الالتزام العراقي، ليس لدينا هنا في الاردن وانما في سائر اجزاء العالم العربي؟
وبماذا تقابل هذه الضغوط الدولية المتكالبة على القيادة الفلسطينية، كي تتوقف عن ازعاج فسيفساء المستوطنين التي صدروها لنا، والاصح تخلصوا منها على حسابنا.
لماذا يستوطن وزير الخارجية الالماني في فلسطين لتأمين وقف الانتفاضة، ولم يفعل ذلك عدما كانت المدن الفلسطينية تقصف بطائرات اف 16.
هل جاء ليؤمن بقاء »الرواد« المئة الف الذين صدرهم النظام النازي بين عامي 1933 و1942 الى فلسطين، لا عنوة كما يحلو للصهاينة ان يصوروا الامر، بل بناء على اتفاق تعاون ودي جدا، امنت بموجبه الصهيونية كسر الحصار الاقتصادي المفروض على النظام النازي، وأمن هذا الاخير بالمقابل تدريب »الرواد« على المهن الزراعية والصناعية المطلوبة للاستيطان، ثم منحهم تأشيرات الهجرة الى فلسطين، وتأمينها باشراف حاخام هامبورغ، ومعهم جميع اموالهم، بل وحتى الاستمرار في دفع رواتب التقاعد والبطالة المستحقة لهم كمواطنين المان.
هذا النشاط التاريخي الرهيب، الذي شكل احد اول واخطر موجات الاغتصاب، لماذا لا يعوضنا عنه، بمواقف ديبلوماسية على الاقل؟
الجواب، يظل بسيطا، ايضا، لا احد يعطينا لاننا لا نطالب.. ولا احد يعيننا لاننا لا نحسن طرح مستحقاتنا، وما من احد مستعد لاعلان حقائق التاريخ والسياسة التي يمكن ان تشكل اساسا لعملنا وتفاوضنا مع الآخر، طالما اننا لا نبحث عنها ولا نعلنها وانما على العكس تماما، ننجر وراء الخديعة وننجر وراء الدفع اليهودي الذي يجعلنا نحارب، مع الصهيونية، كل من يعمل على كشفها.
اوليس من العجيب ان يعمل اليهود على استغلال عقدة ذنب موهومة لدى جميع الدول الاوروبية، ولا تعرف ديبلوماسيتنا واعلامنا كيف تستغل ذنبا حقيقيا الدى كل من ساعد على اغتصاب ارضنا وحقوقنا من الانكليز، الى الفرنسيين، الى الالمان، الى الروس، الذين يأتون الينا وكأنهم ليسوا هم من دفع الى فلسطين آخر موجة تعادل ثلث سكانها؟