ليس المستغرب ان يتحدث ارييل شارون عن الارهاب، بل الغريب ان تصمت السياسة والديبلوماسية والاعلام في العالم العربي عن التذكير بالارهاب الاسرائيلي. بل وحتى عن الارهاب الصهيوني في العالم.
واذا كان حقل الحديث عن الارهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين والعرب معينا لا ينضب من الوقائع والحجج، فان النشاط الارهابي الصهيوني في العالم، ليس اقل خصبا.
ففي الولايات المتحدة وحدها نجد الشرطة الفدرالية (اف بي آي) تصنف رابطة الدفاع اليهودية، عام 1985 بين الحركات الارهابية الرئيسية في الولايات المتحدة، وذلك بالرغم من محاولات اللوبي الصهيوني »الايباك« لمنع ذلك، بل وتضعها في المرتبة الثانية في قائمة الجماعات الارهابية الاكثر نشاطا، ذاك ان الشرطة قد نسبت الى الرابطة 37 عملية ارهابية مختلفة ما بين عامي 1977 و1984، وبعد ذلك بعامين فقط اعلنت الشرطة ان الجماعات اليهودية المتطرفة مسؤولة عن 25 عملا ارهابيا وقعت ما بين 1980 و1986، سبعة عشر منها نفذتها رابطة الدفاع اليهودية وحدها، كذلك اتهمت وكالة اميركية فدرالية اخرى، هي وزارة الطاقة، في تقرير اصدرته عام 1986، رابطة الدفاع اليهودية بالارهاب، قائلة »منذ اكثر من عشر سنوات ورابطة الدفاع اليهودية تمثل احدى اكثر المجموعات الارهابية الاكثر نشاطا في الولايات المتحدة الاميركية، رغم انها تؤكد ان وضعها مرتبط بوضع اليهود السوفييت، وبشكل اعم بحماية اليهود والمصالح اليهودية في العالم، فان الشرطة الفدرالية تصنف هذه المنظمة في قائمة المنظمات الارهابية الاكثر نشاطا وهي تهاجم العرب والايرانيين والفرنسيين والالمان والاميركيين.. كما نظمت ونفذت فروعها في فرنسا وبريطانيا وايطاليا واسرائيل عدة اعتداءات اخرى«.
من هذه »الاعتداءات الاخرى« سجلت سجلات الشرطة الفرنسية مثلا 75 عملية ارهابية نفذتها منظمات يهودية متطرفة على الارض الفرنسية ما بين عامي 1976 و1994، وحل العديد منها حد التفجير والقتل، ودفعت شركات التأمين للكثيرين من ضحاياها تعويضات التعرض لعمليات ارهابية.
مثل ذلك ما يمكن ان نجده في دول غربية عديدة اخرى، من تلك التي لا تتوقف عن الحديث عن الارهاب العربي والاسلامي. وذلك ما يمكن ان يشكل مادة اعلامية دامية في توجهنا نحن الى الرأي العام والمسؤولين في هذه الدول.
خاصة وان هذا »الارهاب الدولي« لا تمارسه المنظمات اليهودية المتطرفة بشكل مستقل وعفوي، وانما هو مرتبط ارتباطا تنظيميا دقيقا ومعلنا بدولة اسرائيل، بدلائل كثيرة ابرزها ما اعلنه رئيس وزراء هذه الدولة مناحيم بيغن من ان اسرائيل ترعى هذه المنظمات لحماية مصالح اليهود في العالم، او تدخل وزير الخارجية ديفيد ليفي بطريقة رسمية لدى فرنسا والمانيا، خلال قضية روستك المعروفة، واطلاقه تصريحات شجعت المجموعة الارهابية على تحطيم مركز غوته في باريس، والاعلان بعدها بالقول »سنضرب ونذل، دون كلل، كل هيئة او وفد يمثل هذه الحكومة الفاقدة للذاكرة او المتراخية«.
وقد يكون من ابرز تجليات الاشراف الاسرائيلي، ان تدريب الميليشيات اليهودية يتم باشراف ومساهمة السفارة الاسرائيلية، وان المسؤول عن تدريبات البيتار يحمل لقب »شاليا« اي »المرسل في مهمة« ويعيش متنقلا بين فرنسا واسرائيل وسواء كان اسمه موشيه كوهين او جاك كمسراني.
لماذا لا نستعمل هذه المعلومات ومثلها، ونقرنها بما يمارس ضدنا من ارهاب الدولة، للقول بان اسرائيل هي »دولة راعية للارهاب« طالما ان الموضة الان هي تصنيف الدول وفق هذه التسمية؟
لماذا لا نركز حملة عربية شاملة لتصنيف اسرائيل وفق هذا الوصف؟
ربما يكون الامر ببساطة، لاننا نفتقد الارادة، ولأن القيمين على الامور عندنا، قد جعلتهم الرعبة يصدقون انهم متهمون فتحولوا من دورهم الطبيعي والمنطقي دور توجيه الاتهام الى دور الدفاع الغبي.