ابو جهاد والمراجعون

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 19-04-2001

الانتفاضة الاولى، اغتيال ابو جهاد، الذي مرت بنا ذكراه قبل يومين، والمؤرخون المراجعون.

اية علاقة بين هؤلاء؟

في العام ،1988 واثر اغتيال ابو جهاد اصدرت دار نشر لافياي توب دار المؤرخين المراجعين في فرنسا، بيانا بعنوان كلنا فلسطينيون. ولم يكن هذا اول موقف لهؤلاء المناضلين من القضية الفلسطينية، وانما امتداد لكتابات سيرج تيون »اليساري« منذ ،1964 وفرانسوا دوبرا »اليميني« منذ ،1967 ولكنها كتابات لم تصلنا، لأننا نتلقى، وللأسف، ما يريد الاعلام الصهيوني ايصاله لنا.

لذلك اردت ان استضيف ترجمة البيان المذكور في زاويتي، وفي الذكرى التاسعة عشرة القديمة المتجددة:

يأتي اغتيال ابو جهاد ليؤكد من هم سادة الارهاب الدولي.

ليست عملية الاغتيال هذه ردا على الانتفاضة غير المسلحة التي تدور في الارض المحتلة، بل ان انتفاضة الفلسطينيين هي على العكس من ذلك، وبما تحققه من اجماع وامتداد، وبالشجاعة الفريدة التي تحتاجها المواجهة بين شعب محتل غير مسلح مع قوة عسكرية هائلة لا تتورع عن اطلاق النار، تبرهن ان الامر يتعلق بحركة اساسية عفوية، اي تحددها الظروف اليومية التي يعيشها هذا الشعب دون امل ودون مشروع منـظور.

ان هذا الاغتيال هو ذو طبيعة تحاول ان تفرض فكرة ان منظـمة التحرير الفلسطينية هي قائد الاوركسترا بالنسبة للانتفاضة، وتهدف بالتالي الى تدمير اي مشروع حل عادل مع المنظمة وبلبلة وعود شولتز للدول العربية الحليفة للولايات المتحدة، وهي الوعود التي لم تكن الا من باب ذر الرماد في العيون، في الوقت الذي تتحالف فيه الطبقة السياسية الامريكية مع اللوبيهات اليهودية التي تخضع بدورها للصهيونية.

تعرف اسرائيل انها تملك تفوقا عسكريا ساحقا، وانها لن تخسر وجودها بالمواجهة، حتى ولو ان دعايتها تلجأ مرة اخرى الى استعمال اسطورة الابادة لتحريك الطاقات المؤيدة لها. لكنها تستغل اية حرب او اية مواجهة كمناسبة لتفعيل حمام الدم الفلسطيني، لقمع هذا الشعب بشكل اعنف، وللتقدم خطوة اضافية نحو الحلم الصهيوني »ارض اسرائيل«.

من جهة اخرى تستفيد اسرائيل في مواجهتها مع الفلسطينيين، وعلى الصعيد الدولي من وضع الاتحاد السوفياتي الذي يحتاج الى المساعدات الاقتصادية الدولية، والاستثمارات الرأسمالية لمعالجة ظروفه الاقتصادية، مما يعني ممالأة اللوبي اليهودي، والمجلس اليهودي العالمي البالغ النفوذ.

كذلك يوفر التفوق النووي للدولة العبرية، والذي حصلت عليه بمساعدة فرنسا وافريقيا الجنوبية مجال المناورة.

في الوقت ذاته يتصاعد التوتر في الخليج العربي، حيث يقع حادث بين البحريتين الامريكية والايرانية، مع انتشار معلومات عن اسلحة امريكية واسرائيلية وصلت سرا الى ايران، وعلى يد سماسرة اسرائيليين، في الوقت الذي تقوم فيه فرنسا، وبدون حدود او تحفظ، بتسليح العراق.

هنا ايضا تبدو اللعبة واضحة، دفع العراق للحرب مع الجمهورية الاسلامية، ثم توزيع الادوار في تسليح الطرفين، لتغذية نزاع يضعف جميع دول المنطقة المواجهة لاسرائيل، ويجعلها في حالة تبعية عسكرية امنية وبالتالي سياسية، تجبرها على قبول جميع ما يراد فرضه عليها. مقابل حماية، تعززها تغذية التهديد او حتى فكرة التهديد.

وخلال ذلك، يلقى ملايين الناس موتهم، وعذابهم، معتقدين انهم يدافعون عن اوطانهم.

كذلك وفي افغانستان، تدور المفاوضات حول تسوية ما بين السوفييت والدولة الباكستانية، ومن وراء المقاومة الافغانية، حيث ان من يزود بالسلاح هو من يلقي بثقله على الحل.

وذلك بعد ان هلك 10% من السكان »بحسب الصحافة الغربية« ودمرت البلاد ولم يعد بامكان »المنتصرين« ان يعيدوا بناءها الا عبر اسنان مشط القوة العظمى. واذ للانتصار طعم الرماد.

ماذا نفعل في هذا المأزق؟ الفلسطينيون هم الذين يقدمون الجواب. اذ لم يكن من شأن يوم من الوحشية الاسرائيلية الا وان تكشف كما لم يحصل سابقا، الحقيقة السياسية ـ الاجتماعية لدولة اسرائيل وللصهيونية العالمية.

واذا بثورة الحجارة، تحصّل اكثر بكثير مما حصلته جميع العمليات التي كلفت مليارات الدولارات.

لكن قوة اسرائيل تعتمد على القوة الدولية للوبي الصهيوني، الذي لا يتمكن احد الآن من مواجهته، والذي يبلغ تجبره حدا يجعلنا نخشى من ردات فعل، يتم تصويرها كظواهر لاسامية.

اما حلم البعض برامبو فلسطيني يرد الضربة بمثلها، فلن يؤدي الا الى سلبية دولية.

ان سيطرة واستبداد اللوبي الصهيوني هي ظاهرة تعني الانسانية كلها وتستدعي قيام حركة مقاومة دولية.

وكما ان الفلسطينيين قرروا النزول الى الشارع عندما فقدوا الامل بالحلول السياسية، فان علينا نحن ان نعرف انه ليس لنا ان نتوقع شيئا من منظماتنا السياسية، ومنظمات حقوق الانسان، ومكافحة العنصرية علينا البدء بمظاهرات امام سفارة اسرائيل، والمؤسسات الصهيونية الدولية. مع الانتباه الحذر للتمييز بين هذه المؤسسات والمؤسسات اليهودية. وذلك لا لاننا نتوهم ادنى توهم بان غالبية الطائفة اليهودية ومؤسساتها، غارقون في حفرة الصهيونية، بل لان علينا نحن ان نفتح بابا واضحا لبديل عن الصهيونية، والا ندخل خطابنا في منطقها الذي يعتمد هوية يهودية شمولية.

واخيرا نؤكد على ان لا علاقة البتة بين فقد القومية الصهيونية ورفض التدهور الحربي الذي تسوق الانسانية اليه، وبين اللاسامية، وعليه ندعو جميع اليهود الواعين الى الانضمام الينا.

 

باريس 20 نيسان 1988

لافياي توب

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون