للمرة الاولى تكون امام العرب فرصة للعب دور في الانتخابات الاميركية. ليس فقط عبر فرصة صغيرة (من حيث القيمة والكرامة، لا من حيث الحجم) يمنحها لهم المرشح الديمقراطي اليهودي او المرشح الجمهوري المتهود. ليس على طريقة العربي المتسول؛ المتسول دوراً، والمتسول خدمة، والمتسول منفعة. دور يجسده، على سبيل المثال مايكل الزغبي الذي يكتب مقالاً (نشرت ترجمته في الشرق الاوسط) يغدق فيه المديح على ليبرمان، لأنه ساعد في بقاء ابنه جيمس الزغبي موظفاً في وزارة الداخلية. ولأنه يرضى بأن يقوم العرب في الحزب الديمقراطي بخدمة معركته الانتخابية!! ليس عبر هذا النموذج الذي يعرفه كل من يعرف الغرب الاميركي او الاوروبي، حيث يعتقد العنصر الذليل، الفاقد لكرامته ولثقته بهويته ووجوده، ان التمسح باذيال اليهود المتنفذين، كفيل بأن يحقق له مصالحه الفردية الصغيرة، حتى ولو باستخدامه. بل وعبر نموذج آخر تماماً يمثله المرشح الثالث الذي اهملته وسائل الاعلام: رالف نادر، الرجل الذي ظل فخوراً بانتمائه فحافظ على اتقانه للعربية بطلاقة. ولكنه انخرط بثقة في دوره كمواطن اميركي، “مواطن لأربع وعشرين ساعة” بحسب تعبيره. دور مارسه بجرأة وشجاعة – بادئاً بالتصدي لشركة جنرال موتورز، فاضحاً لمساوئ السيارات التي تنتجها، مما يشكل خطراً على حياة المواطنين، ليكسب الدعوى القضائية، ويخصص المبلغ الذي كسبه لتأسيس جمعية لحماية المستهلك، تفرعت الى ست جمعيات تضم 150 الف عضو. ومنتهياً الى مجال آخر، من مجالات التجرؤ المحظور، وهو انتقاد السياسة الخارجية الامريكية، في عدة مجالات منها المجال العربي والفلسطيني. رالف نادر احتفظ من اصله العربي بلغته وجرأة المتجرئين… ومايكل الزغبي احتفظ من الاصل ذاته باخلاقيات عصور الانحطاط، او على حد تعبير الكواكبي “عصور الاستبداد”. كلاهما اميركي من اصل عربي.. وليسا عربيين لكن بروز نادر، كسياسي اميركي ذي شعبية بارزة، هو ظاهرة قابلة لأن توظف بشكل ممتاز، لو كان في العالم العربي من يوظفها. توظف عبر تعاطف رجل مع اصوله… توظف عبر جالية عربية ضخمة كالفيل وعديمة الفعالية كسلحفاة. توظف عبر عمليات الدعم والتمويل: الدعم السياسي، الدعم الاقتصادي الذي لا يعني المال والتبرع بقدر ما يعني ايصال رسالة للمواطن الاميركي بان منحه مصالح ما، لدينا، مرتبط بهذا الرجل.. توظف عبر الاعلام… توظف عبر مسرب اساسي يتعلق بالمصلحة، التي تأتي في رأس اولويات الاميركي. والمقصود بذلك، رسالة – توضح كيف ان اللوبي اليهودي في اميركا، يمتص دم الشعب الاميركي لصالح اسرائيل.. ويمارس على الاميركيين انفسهم، وفي بلادهم، سيطرة فوقية ابتزازية. رسالة لا تبنى على كون نادر عربي الاصل، بقدر ما تبنى على كونه رجلاً شعاره مصلحة المواطن في بلاده. توظف.. لا لتضمن وصول نادر الى البيت الابيض، (وذلك ما هو بعيد، لكن غير مستحيل على المدى البعيد) ولكن على الاقل، لجعل وزنه الحاسم في ترجيح الكفة بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري، بيضة قبّان ذات ثمن باهظ. لقد انتهت المعركة… وتركت لنا ظاهرة رالف نادر.. فهل هناك من يخطط لتنمية هذه الظاهرة ودعمها، والافادة منها في الانتخابات القادمة ام سنتركها ليتلقفها غيرنا، غير قد لا يكون غير اليهود واسرائيل. |
د.حياة الحويك عطية
إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.