قطري يتبرع للعراق، فتعاقبه الولايات المتحدة الاميركية.
هكذا وببساطة تقرر واشنطن فرض العقوبات على الشيخ حمد بن جابر، على جميع شركاته ومنعه ومساعديه من دخول الولايات المتحدة الاميركية.
لماذا؟
ألم تأت حامية الحريات الى الخليج لحمايته من العراق؟
فلتحل المصالحة وتوفر عليها هذا الجهد.
بل جاءت لاجل شيء اخر.. نفط المنطقة واقوالها، وموقعها.
حسنا، فهاهي تسيطر على كل هذا وتؤمن امتصاص دم تكفل باحياء جسدها المعرض للموت.
فالولايات المتحدة مصابة بلوكيميا المديونية التي تبلغ اعلى نسبة لها في العالم، ولوكيميا البطالة والتفكك الاجتماعي والسياسي وغير ذلك.. ومصابة رغم ذلك بحشرة طفيلية هائلة تمتص دمها، بمواظبة هائلة، لضمان استمرار وجودها وتضخمه، حيث لا مقومات حياة فيه.
وبالتالي، فان الجسد الاميركي الهائل بحاجة دائمة الى دفعات دم جديدة، دم لا ضمانة لاستمرار تدفقه الا استمرار القوة العسكرية المتفوقة، وهيمنتها الساحقة على امتداد العالم.
لكن تجارب التاريخ تثبت ان الهيبة اهم بكثير من القوة، ولذلك كانت خطة جميع القادة الاميركيين تعتمد ليس فقط على عدم اخفاء التعنت في استعمال القوة بل والمبالغة في تصويرها حتى ولو اقتضى ذلك اضفاء ابشع الملامح عليها، قسوة وسحقا، واكتساحا، وتدميرا لا يعرف الرحمة ولا يأخذ في اعتباره حسابات او قيمة او اراء.
لذا كان الحفاظ على الهيبة، يقتضي حكما عدم السماح بأي سلوك صغيرا كان ام كبيرا، يبدو وكأنه كسر لها.
فكيف اذا جاء ذلك السلوك من منطقة، وضعتها واشنطن في خانة الاكثر خضوعا، والاكثر انصياعا خاصة وان لها عليها »منة الحماية من الخطرين الايراني والعراقي« وفق ما راح يكرره حتى مع قهوة الصباح الخليجية، او على سلم الطائرة، الوزير الاكثر ترددا على المنطقة الخليجية وليام كوهين، وذلك لتثبيت قاعدة لنتيجة مباشرة هي ابرام صفقات السلاح وفرض المواقف السياسية ونتيجة ابعد، هي تثبيت الخوف ووجهه الاخر حاجة الحماية ومنتها، وتثبيت الهيبة، هيبة السيد الاوحد الذي لا مرد لارادته، ولا مخالفة لاوامره.
ويأتي امير عادي، ليتمرد على كل ذلك..
صحيح انها مبادرة صغيرة.. لكن قتل البدايات الصغيرة هو شرط تجنب النهايات الكبيرة.
غير ان السؤال التاريخي الوجودي يظل ان اقدار الشعوب مرهونة باوقاتها وشروط تحققها.. لذلك يمكن تأجيلها ولكن هل يمكن منعها؟