رائحـــة البنـــج

السياسة العربية الأوروبية، 16-10-2000

قبل اسبوع، حملت هذه الزاوية عنوان »قمة نريدها وقمة لا نريدها«، وكان المقصود بالاثنتين القمة العربية، ولكن بحسب ما سوف يدفع اطرافها من نوايا، ما سوف تخرج به من قرارات.

واليوم يفاجأ المواطن العربي، بأن هناك معنى آخر يمكن ان تحمله هذه الجملة، فثمة قمم، احتلت مكان القمم، بل ثمة قدرة عربية هائلة على التحول من سلحفاة الى أرنب، عندما تتحول صفة النسبة التابعة لاسم القمة، حيث يبدو ان السلحفاة لا تنطق الا الضاد، ولا يمكن ان تتجاوز ايقاعها ايد وارجل مثقلة باغلالها، في حين ان الارنب، ابن ذوات، انلكوفون، فرانكوفون وحتى عبروفون، ما زال يحتفظ من ارث الصحراء، بقدرته الفائقة على السرعة.

فماذا نطلب من قمة اجلت ولادتها، لتحضير اجهاضها، او لجعلها شاهدا، يبصم على عملية اجهاض الانتفاضة (العربية، وليس الفلسطينية) التي كانت مهيأة للتحول الى حرب تحرير شاملة، او على الاقل الى حرب استقلال حقيقية؟

في 28 حزيران 1982، وجه الرئيس المصري رسالة الى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، يدعوه فيها للمساهمة في وضع حد لما يجري في بيروت، جاء فيها بالحرف، »لأن استمرار الوضع القائم حاليا، لن تكون له نتيجة الا التصعيد الخطير لما يريده المتطرفون من اليمين واليسار، وتشجيع المغامرين الذين يتغذون على اليأس ويعيشون على التشاؤم ويتطلعون الى العنف«.

للسبب ذاته تفتح غرفة العمليات في شرم الشيخ، وتفوح من بابها رائحة البنج، استعدادا.

ويتشكل الفريق الطبي: اميركا بيهودها، وصهاينتها، وحكامها الذين يستجدون الرضى الاسرائيلي.

وفرنسا (ممثلة لاوروبا)، بحكومة يرأسها ليونيل جوسبان الذي كان اول من شارك عام 1983 ايام 22 و23 و24ك2، في مؤتمر دولي، »لمكافحة الارهاب«، عقده في باريس هنري هاجدنبرغ، رئيس »التجديد اليهودي« الذي قاد، باشراف السفارة الاسرائيلية وآفي بريمور، حملة اسقاط جيسكار ديستان، عقابا له على عدم ابدائه تعاطفا كاملا مع اسرائيل. بحسب ما اعلن في حينه.

حكومة تضم اليهوديين المتعصبين لاسرائيل وقويي النفوذ: فابيوس وغايسوا.

صاحبي القانون المشهور الذي حمل اسمها، وحظر تحت طائلة العقوبات الحادة اعادة النظر في اسطورة الهولوكوست.

صحيح ان لفرنسا رئيسا متهما بالتعاطف مع العرب، لكنه يظل عاجزا عن التحلل من نفوذ اللوبي اليهودي الذي موّل حملته الانتخابية. لقاء اعترافه بمسؤولية الدولة الفرنسية عن اضطهاد اليهود في الحرب العالمية الثانية.

ورئيس ما يزال مستشاره الخاص يهوديا، تماما كما كان جاك اتالي مع فرانسوا ميتران، اتالي الذي اعترف بأنه كان ايضا مستشارا لرئيس الحكومة الاسرائيلية. والذي نشر يوميات الاليزيه وفيها رسالة الرئيس المصري المذكورة اعلاه… وفيها كل ما احاط بترتيبات اجهاض مشروع التحرير المتحرك من بيروت، وصولا الى اخراج منظمة التحرير…

ان رحم هذه الامة خصب وعنيد كأرحام نسائها، فهل ستتمكن القمة العربية منع الاجهاض… لمرة واحدة؟

ام انها ستبحث في وسائل تعقيم الام؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون