عندما كان جاك شيراك رئيسا لوزراء فرنسا عام 1968 صرح لصحيفة واشنطن تايمز بان الموساد الاسرائيلي مسؤول عن تفجير طائرة العال.
وفي العام 1980 حصل اعتداء على كنيس كوبرنيكس في باريس ذهب ضحيته اربعة قتلى وعشرة جرحى، وفور الحادث تلقت الشرطة مكالمة هاتفية مجهولة، اعلن فيها المتحدث مسؤولية تنظيم يميني يحمل اسم جبهة العمل الوطني الاوروبي، عن الحادث. ولم تلبث الصحافة ان تلقفت الخبر وتداولته لتبدأ سلسلة من اعمال العنف اليهودية، كما انبرى رئيس الليكرا جان بيير بلوخ الى اطلاق تهديدات متفجرة متهما »الفاشيين الاجانب«، اليمين الجديد، لويس بويلز و… العقيد القذافي.
وبعد اربعة ايام سارت تظاهرة ضخمة في الشانزليزيه تخللتها عدة عمليات اعتداء.
وبعد سنوات، خرج عميل سري يهودي »من جهة أمه« يدعى جان ايف بيلاي، ليعترف بانه كان مكلفا من قبل منظمة الدفاع اليهودية باختراق صفوف جبهة العمل الاوروبي، حيث وصل الى موقع مسؤول الامن فيها، وكشف عن ان هذه الجبهة لم تكن الا تنظيما شبه وهمي لا يضم الا ثلاثين شخصا من العجزة والمندسين.. كما كشف انه هو من اتصل بالشرطة بخصوص عملية كنيس كوبرنيكس…
وعندها خرج جان بيير بير بلوخ وهنري هاجدنبرغ معتذرين، لكنهما اردفا مؤكدين ان »جميع الظروف تجعل من الحتمي ان يكون مصدر هذه العملية مؤيدا للفلسطينيين…«.
لكن اصواتا اخرى، حتى بين اليهود انفسهم كانت تشكك همسا بكل ذلك، من مثل ما كتبته الصحفية آنيت ليفي ويلرد من ان »ثمة همهمات في صفوف الطائفة تشير بجدية الى افتراض كون الحادث عملية استفزاز داخلي« كما قيل ان وزير الداخلية الاسبق ميشال بونياتوسكي، نسب العملية الى الجناح المتشدد في الموساد.
وهنا جاءت الفضيحة حيث نشر ان بين ضحايا العملية امرأة تدعى اليزا شاغير، وصلت من اسرائيل قبل ثمان واربعين ساعة من العملية. وعندما اعيد جثمانها الى هناك اقامت لها السلطات جنازة رسمية »تخصص لاعضاء الموساد الذين يقتلون اثناء تنفيذ مهمة رسمية«.
انكشف العمل الارهابي، لكن احدا لم يجرؤ على اتخاذ اي تدبير، حتى ولو كان سياسيا ضد اسرائيل.
والاهم ان انكشافه جاء بعد ان حقق هدفه ضمن سياق عمل ممنهج لتجذير الطائفة اليهودية الفرنسية وتنظيمها، جمعيات ومنظمات، وميليشيات عسكرية مرتبطة مباشرة باسرائيل.
حيث اعقبت ذلك سلسلة من التصريحات التي اطلقها مسؤولون اسرائيليون، متحدين، ومؤكدين حقهم في التدخل الارهابي داخل الدول الاخرى »فرنسا والمانيا خاصة« فمن بيغن الذي اعلن امام الكنيست ان اسرائيل هي الوطن المحتل لجميع يهود العالم، وعليه فانه لا يشعر بالالتزام باحترام اية جنسية اخرى، ويطالب بحق التدخل في اي مكان يوجد فيه يهود«.
الى شيمون بيريز الذي وجه تهديده بالعقاب الى المانيا »بعد احداث لم تمس يهوديا واحدا« الى اسحق رابين الذي وجه رسالة الى كول يقول فيها ان اسرائيل مسؤولة عن اليهود اينما وجدوا، الى عيزرا هاريل، مؤسس الموساد الذي تساءل: »لماذا لا يتدخل قسم العمليات في الجهاز السري الاسرائيلي لتصفية اتباع الطاعون الاصفر بنفسه، وبشكل سري، في كل مكان يبدو فيه الامر ضروريا؟«.
كما كشف عن ان معظم ميليشيات الدفاع الذاتي اليهودي في العالم قد انشئت على يد الموساد الذي مولها وشجعها ودربها.
غيض من فيض، حيث رصد الباحثون، ما بين بداية السبعينات ومنتصف التسعينات اكثر من 72 عملية ارهابية نفذتها هذه المنظمات في فرنسا وحدها »دفعت لضحاياها، في معظم الاحوال، وبقرار المحكمة تعويضات ضحايا الارهاب، مما يثبت صفتها«. هذا عدا عن مثيلاتها في الدول الاخرى.
وظل لرابين ان يحصد نوبل للسلام ولمحكمة فرنسية ان تحكم، في سابقة لا مثيل لها، »قانونيا، ووقاحة« بمحاكمة العقيد القذافي، بتهمة الارهاب.