قواعد!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 01-08-2000

لم ينتظر حسن نصرالله انتهاء المشاورات بين القيادات العربية، لعقد قمة حول القدس.

لم ينتظر كي يرى ردات الفعل الاخرى على فكرة نقل السفارة الامريكية الى القدس. فاعلن ببساطة مطلقة: اذا نقلت السفارة سنحولها الى رماد.

في تحليل لها حول فشل قمة كامب ديفيد، قالت مجلة الاكسبرس الفرنسية ان توقيع ابو عمار، على اتفاق يتنازل عن الحقوق العربية في القدس، كان يعني ببساطة توقيعه على حكم اعدامه، وهذا ما لا يفعله اي مسؤول، حكم لا يعني فقط الشارع الفلسطيني وانما العربي والاسلامي.

اذن، فعندما تكون ارادات الشعوب واضحة بشأن امر من الامور، فان اي مسؤول لا يجرؤ على مخالفتها بشكل فاضح.

وعليه فان امامه، اما ان يستجيب لها، واما ان يحاول الالتفاف عليها.

وقد عودتنا طبيعة “السلطة” ربما ليس في العالم العربي وحده، لانها طبيعة سيكولوجية، ان الرأس خاصة عندما يكون فردا، في غياب الديمقراطيات الحقيقية، يحرص على احتكار ما يعرفه انجازا، او اداء متوافقا مع ضمير الشعب، لأنه يريد ببساطة احتكار المجد.

كما يحرص بالمقابل على توزيع مسؤولية القرارات التي يعرف في اعماقه انها تشكل فشلا او تنازلا او خيانة، حتى ولو البسها اجمل الاقنعة واطلق عليها عكسها من التسميات المفرغة.

لانه في العمق يعيش ازدواجية رهيبة، اذ لا يحترم الناس وحقوقهم، لكنه يخشى حكمهم. ويعتقد بقصر نظر ان بامكانه الالتفاف على التاريخ، كما يلتف على الحاضر.. لذلك يريد من هذا الحاضر الهش، شهادة للتاريخ، يتجاهل نعاميا، انها لن تنفعه ولو حورت، لأن الاكاذيب هي اول ما يسقط بمرور الزمن.

من هنا تظل السلطة التي يقلل البعض من قيمتها، سلطة الشعب، الناس، اذا ما وعوها، واستعدوا لممارستها، سيفا لا يتجرأ اي مسؤول او اية جهة، على تجاهله، حتى ولو كانت الجهة دولة كبرى.

هذه الحقيقة يدركها السيد حسن نصرالله، ومثله كل عنصر من المقاومين الشرفاء في كل مكان.

سر انتصارنا بسيط جدا: لقد عرفنا نقطة ضعف عدونا: “انهم يخافون الموت ونحن لا نخافه”.

لعبنا على هذا الوتر ونجحنا. ثمة نقطة ضعف اخرى بالنسبة للدول المهيمنة، ليس ادل عليها مما يورده تاريخ الحركة الصهيونية، حول بداية العمل الصهيوني في فلسطين، عندما كان قادة الارغون وشتيرن يركزون على نقطة اساسية: “يجب ضرب بريطانيا في هيبتها، لأن ذلك هو اكثر ما تخشاه الدول المهيمنة الكبرى… وعندها ستتجنب الانحياز للعرب او حتى اثارتنا”.

قواعد بسيطة وعميقة في آن، هي الربط الفاعل بين العمل السياسي والعسكري والسيكولوجيا.. فهل نتقنها؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون