بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، ها هي فرنسا تضطر للاعتراف بـ “عوارض مرض الخليج”، وذاك ما رفضته القيادة العسكرية طوال عشر سنوات.
شاب في مقتبل العمر، ينجح اخيرا في الوصول الى شاشة التلفزيون، ويروي بالتحديد ما اصابه بعد عودته من حرب الخليج: تساقط الشعر، عدم القدرة على الوقوف، فقر في الدم، غياب التركيز، واخيرا حالة خطيرة من حالات السل.
قبله اضاف الجنود الامريكيون الى ذلك، اضطرابات الكلى، والمسالك البولية، والرؤية، وحالات متعددة من السرطانات، خاصة سرطان الدم.
مساكين هؤلاء، ارسلوا لقتلنا، فارتد عليهم الموت.
ولكن، لماذا لم نسمع رغم ذلك حالة تمرد واحدة على رحلة الموت هذه، كما كان يحصل في حرب فيتنام؟
ما الذي حققته فرنسا، لمصالحها نتيجة مشاركتها في قتل ابنائها وشعبنا؟
لماذا لا نستغل نحن، اعلامنا وسياستنا هذه الظاهرة الخطيرة التي فرضت نفسها بالقوة، للتأثير في الرأي العام المقابل؟
اسئلة كثيرة، يظل اخطرها: اذا كانت هذه العوارض ناجمة عن طبيعة الاسلحة المستعملة، فما الذي تركته على اجساد العراقيين والكويتيين، بل وجميع السكان القريبين بشكل او بآخر من مناطق القتال؟
مرة اخرى: اين الاعلام والسياسة من كل هذا؟
خمسون سنة، واليهودية العالمية تتاجر تجارة رابحة، بل ابتزازية بقصة هولوكوست اثبتت جميع الدراسات العلمية انه لم يكن الا اكذوبة كبرى، وبشبح »افران غاز« اثبت العلم والتاريخ انها لم توجد على الاطلاق، وعندما لم تستطع اللوبيهات ان تقف علميا، وحتى قضائيا بوجه هذا الاثبات، لجأت الى استصدار قوانين غريبة عن كل ما تدعيه من تسم نفسها بـ »الديمقراطيات الغربية« تحرّم البحث العلمي، والمراجعة التاريخية على اساسه، ولم تكتف، بل نظمت اعمال عنف مذهلة، ينفذها عناصر الميليشيات اليهودية المتطرفة ضد كل من لا يكفي القانون لردعه، كل ذلك كي تستمر الاكذوبة، يستمر الابتزاز، لصالح الصهيونية العالمية واسرائيل.
خمسون سنة وهولوكوست فلسطيني حقيقي، لا يظهر منه الاعلام والدراسات التاريخية والعلمية الا اقلّه، وننتظر مؤسسة اسرائيلية كي تكشف عن بعض مجازه.
وعشر سنوات وهولوكوست عراقي حقيقي، لا يستطيع احد في العالم ان ينكر غازه، واسلحته النووية والكيماوية المحظورة، بشهادة ولا ابلغ، اصابات جنود منفذيه، التي اتضحت من واشنطن الى باريس.
فلماذا لا تثار حملة اعلامية كبرى حول هذه الشهادة الدامغة، وحول ما يقابلها في الجانب العراقي من عوارض حرب الخليج التي انتهت الى اكتساب اسم اصبح مصطلحا طبيا علميا.
بل لماذا لا تدار الحملة تحت هذا العنوان؟ ولنقل اننا نقارب الامور مقاربة »انسانية« اوليس مصابونا من بني الانسان؟
علينا ان نتعلم كيف نلعب ثنائية: ابراز ما لحق بنا، ومسؤولية الاخر عنه، وممارسة الضغط بما نمتلكه من امكانات ومصالح لهذا الغير لدينا.
انها لعبة ثنائية القوة والسيكولوجيا، التي لم نتقنها يوما.