في احدى الاساطير الفيتنامية انه عندما اجتاح المغول روسيا والصين ووصلوا الى فيتنام، وجدوا على كل ورقة من اوراق الشجر العبارة التالية: »على المعتدين ان يرحلوا..« ذاك ان اهل البلاد كانوا قد عمدوا الى كتابة هذه العبارة على ملايين اوراق الاشجار.. وبالعسل، كي يأتي النمل والحشرات لاكل العسل، فيحفر العبارة على الورقة.. وتنتهي الاسطورة الى ان المغول قد اصيبوا بالذعر، نتيجة لذلك، فارتدوا هاربين.
هذه الاسطورة ترويها الكاتبة الفيتنامية ـ الامريكية لان كاوو، مضيفة ان كل طفل في الفتينام يحفظها.. وذاك ما لم يفهمه الاميركيون عندما قرروا قهر هذه البلاد التي يحفظ اطفالها ايضا انها قهرت جميع غزاتها، من المغول الى الصينيين الى الفرنسيين واخيرا الاميركيين.
لانها بلاد يقاتل نملها وحشراتها واوراق اشجارها، مع ناسها، لانها بلاد تعرف كيف تحشد كل هؤلاء في وجه غزاتها..
لانها بلاد تعرف كيمياء تحويل العسل الى سلاح، تحرم منه موائد جيل لتعمر به مائدة الحياة المستمرة..
ولانها بلاد يحفظ اطفالها ـ جميع اطفالها ـ اساطيرها وتاريخها، تحفر في ضمائرهم، كما على ورق اشجارهم: »على الغزاة ان يرحلوا«.
تمكنت من التحرير والانتصار..
شيء آخر، تصر عليه لان كاوو، وهو ان الاميركيين، لم يتمكنوا، وهم الشعب الحديث التكوين والحضارة، من تقدير الحس الحقيقي لشعب الفيّ، يتجاوز عمر حضارته الالفي عام، لم يتمكنوا من فهم اعتزاز الفيتنامي بتاريخه القديم وحتى الحديث، حيث اضطر الفرنسيون الى حزم حقائبهم والرحيل بعد قرن من الاستعمار. لم يتمكنوا من تقدير فعالية لجوء الفيتكونغ الى استعمال اساطيرهم، وتاريخهم في شحن المواجهة.. كما لم يتمكنوا من فعالية عبارة: »يريدون تحويل اطفالنا الى متسولين ونسائنا الى عاهرات!«.
لذلك كله فشلوا.. وهزموا..
اخيرا تصل يان، الى مأزق الحصيلة.. لتقول ان من يعيشه هم الاميركيون، الذين لم يتمكنوا بعد من ان يحولوا حرب الفيتنام الى ماض.. لقد فرضت نفهسا هاجسا، وازمة.. شبحا ثابتا كالعامود، متحركا كالظل.. في حين ان الفيتناميين ادخلوها الخزانة، خزانة التاريخ.. بل وخزنته اذ اضافوها الى رصيد نضالاتهم وانتصاراتهم.. ولم يعودوا يفكرون بالاميركيين، الا لقضايا تجارية.. عابرون ومضوا.. كسواهم..
بقي: ان لان كاوو، هي الفتاة، التي اضطرت في الثانية عشرة من عمرها الى مغادرة الفيتنام، اثر سقوط سايغون، مع والدها قائد القوات الجوية الجنوبية، المتعاونة مع الاميركيين، الذين منحوه وابنته الجنسية الامريكية..
لكن لان كاوو، هي ايضا ابنة شقيق عمٍ تقول انه اقرب افراد العائلة الى قلبها، ما يزال في الفيتنام حيث كان واحدا من ابرز قادة الفيتكونغ.