كلتاهما غريبة عنا!

السياسة العربية الأوروبية، 15-02-2000

كما في كل شيء ثمة “موضة” في المصطلحات السياسية تطغى في حقبة ما، او اثر حدث ما.

بعد حرب الخليج، ساد واحد من هذه الشعارات: “الكيل بمكيالين” وكان يقصد به دائما اسرائيل والعالم العربي.

لاول مرة في اوروبا نجد كاتبا سياسيا هاما، يكتب عن الكيل بمكيالين او كما يقولون هم حرفيا “القياس بمقياسين”، الكاتب فرنسي والمقال عن سياسة فرنسا ازاء النمسا.

اذن فالجديد هنا، ان اختلاف المكيالين يتعلق هنا بحالتين اوروبيتين صميما، بل واوروبيتين غربيتين. اي ان ابن الست وابن الجارية، لم يعد يعني شمالا وجنوبا، عربا ويهودا، غربا وشرقا.. فهل لنا اذن ان نفرح اخيرا بالمساواة في التمييز.

فرحنا لن يطول كثيرا، عندما نكتشف ان التمييز والتفضيل، الحلال والحرام، المحرم والجائز، يبنى، حتى داخل اوروبا الغربية على اساس موقف اللوبي اليهودي، والصهيونية واسرائيل. فالديمقراطية المقدسة للجميع، تصبح خطأ تعاقب عليه النمسا، اذا ما ادت نتائجها الى ما يغضب اسرائيل واللوبي اليهودي، الذي شكا منه فرانسوا ميتران نفسه، وقال انه لا يؤيد اسرائيل فقط، بل واليمين الاسرائىلي المتطرف.

لاسرائيل، ان يكون لها يمينها المتطرف، متطرف بالنسبة لسائر قواها السياسية التي هي بطبيعتها متطرفة، ولها ان يحكم هذا اليمين مرات ومرات، وللوبي اليهودي ان يكون متطرفا، ان يستقبل نتنياهو في حفل ضم ثلاثة الاف يهودي في باريس، وفوق رؤوسهم يافطة عليها “اهلا بنبي اسرائيل الجديد”.

لكن..

واغرب العجب، ان يكون لعائلة اسرائىلية ان تطالب هايدر، بقطعة ارض اشتراها عمه من يهودي قبل اكثر من خمسين سنة، بحجة ان ثمنها كان بخسا. وان يرد الرجل بأن تسوية حصلت فيما بعد ودفع فارق الثمن للاسرة البائعة..

كذلك ايضا، تطالب اسرائيل بقطعة ارض تقول ان الصندوق القومي اليهودي اشتراها في سوريا قبل قيام اسرائيل، عن طريق شركة “بيكا” للاستيطان، والتي كان يديرها عدد من اثرياء اليهود بينهم “روتشيلد”.

اما اراضي ملايين الناس، مضافا اليها حقوقهم وكيانهم الوطني، وسيادتهم على ارضهم، فامر لا يمكن التساهل بقبوله في نظر اليهود..

لكن التفسير الذي يختبىء وراء كل هذه المواقف، هو امر قائم في اساس الايديولوجية اليهودية.

فهذا شعب الله المختار، لذلك يحق له ما لا يحق لسائر العجماوات، وملكية ارض اسرائيل الكبرى له هي “وعد الهي” لا حقا انسانيا يخضع لقوانين البشر.

هنا.. تكون الصهيونية هي الاقرب الى النازية.. بل الاصح ان الثانية اقرب الى الاولى، وقد اعترف منظروها انهم استوحوا الكثير من قوانينهم من الفكر اليهودي.

وهنا تكون الاثنتان بعيدتين كل البعد عن فكرنا نحن، على اختلاف مذاهبنا الدينية والسياسية التي تساوي بين بني البشر، وتقيم الحق على قوانين الطبيعة والعلم والاخلاق.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون