انتخابات اليونسكو تتحول الى قوس محكمة، يتفضل امامه المدعي العام الغربي بتوجيه الاتهام للمرشحين الاكثر حظا: فاروق حسني وبنيتا فريرو وولدنر.
وولدنر وببساطة لا يغفر لها الاعلام الغربي – الخاضع لمن نعرف – انها شاركت يوما في حكومة مع اليمين المتطرف في بلادها. ليس لان التطرف مرفوض بكله، بل لان يمين يورغ هايدر مدان من قبل الصهيونية، وكلنا نذكر كيف الولايات المتحدة واسرائيل واللوبي اليهودي العالمي فوزه في الانتخابات عام 2000 لاثارة ضجة كبيرة وتحريك مرحلة جديدة من المطالبة بالتعويضات عن مرحلة الحرب العالمية الثانية.
اما فاروق حسني فيتعرض لحملة شديدة في الصحف الغربية، من مثل جريدة لوفيغارو الفرنسية التي بدات مقالها عنه بالقول: لو عرف كيف يحفظ لسانه لكان حظه الان كبيرا بالفوز.
اما عما يطلب من الوزير المصري ان يحفظ لسانه، فتذكير بانه قال يوما للصحفيين: لو وجدت كتبا اسرائيلية في معرض القاهرة لاحرقتها بنفسي. هذه جريمته الكبرى التي لم يكفه معها انه عاد فاعتذر شفويا، وجسد اعتذاره فعليا بان دعا الموسيقي الاسرائيلي دانيال بارنبوم الى احياء حفل في اوبرا القاهرة، في حدث هو الاول من نوعه على ساحة لم يخترقها التطبيع الثقافي منذ كامب ديفيد وحتى اليوم. كذلك لم يكفه انه كتب على موقعه الالكتروني انه: ” ما من شيء اكثر غرابة عن نفسي اكثر من العنصرية ونفي الاخر وارادة التعرض للثقافة اليهودية ”
اما الماخذ الثاني على حسني فهو انه غير واضح ومتشدد في موقفه من الاسلاميين المصريين ورغم انه قال مرة ان الحجاب علامة رجعية، فانه عاد واعتذر لهم. اعتذاره هنا ذنب، وهناك غير مقبول لمحو الذنب!!!
غير ان الصحف الفرنسية لتي تتباهى بان حسني هو فرانكوفوني وفرانكوفيلي ( بمعنى منحاز لفرنسا)، وتعترف بان فرنسا قد يجد نفسها مضطرة لتاييد ترشيح حسني، وذلك لان الرئيس مبارك الح في طلبه ذلك من ساركوزي، في حين يحتاج هذا الاخير لمصر في مشروعه الاتحاد لاجل المتوسط. كما تقر بان الوزير المصري الذي يدير حملته من باريس نفسها التي لن يغادرها قبل الانتخابات، استطاع حتى الان ان يحشد 32 صوتا من اصل 85 مما يعني ارتفاع نسبة حظه بالفوز، خاصة وان بقية الاصوات ستتوزع على ستة مرشحين اخرين منافسين، من بينهم الحقوقي ورجل الدولة الجزائري محمد بدجاوي.
لماذا والحال هذه اشتداد الحملة ضده؟ لماذا ينبري فرسان اليهودية الصهيونية المتشددة الثلاثة: كلود لانزمان برنار هنري ليفي وايلي ويزل الى الهجوم عليه بحدة بكل ما يمتلكه هؤلاء من قوة في صفوف الراي اليهودي على امتداد العالم، وما يمتلكونه من حضور على الساحة الثقافية الدولية؟ لماذا يجتمعون معا في مقال نشرته صحيفة لوموند ليصفوه ب: ” الرجل الخطير “؟ لماذا تتهمه مجلة الشؤون الخارجية ( فورن بوليسي ) الاميركية بانه يمهد الساحة المصرية لكراهية اليهود الزاحفة؟
ربما لانهم يتوقعون فوزه، وفي هذه الحال لا بد من ممارسة السياسة اليهودية التقليدية المعروفة: وضع الاخر في موضع الاتهام المسبق، وتحت نير عقدة الذنب، وجعله مطالب في كل خطوة وكل قرار وكل تصريح بان يدافع عن نفسه وان يكفر عن ذنبه. فالقاعدة الحقوقية الانسانية القائلة بان كل انسان هو بريء حتى اثبات العكس تنقلب في يد اللوبيهات اليهودية الى ان كل انسان هو مدان حتى اثبات العكس، وبالاعمال لا بالنيات. الم يحلبوا اوروبا كلها، وعلى امتداد اربع وستين عاما بهذه الطريقة؟