دوغان واردوغان

صحيفة الشروق، 01-03-2009

ايدين دوغان، ملياردير تركي،  اخطبوط اعلامي يملك ثلاث محطات تلفزيون، و سبعة صحف  وعشرات المجلات  ودار نشر، تقدر حركتها المالية بمليار ونصف. هذا عدا ما يملكه هذا الملياردير في عالم النفط والمال.

اسمه احتل الصفحات  الاولى في الصحافة الغربية  منذ اسابيع. حيث احتدم الصراع بينه وبين حكومة رجب طيب اردوغان. صراع  لم تكن قمة  جبل الجليد فيه الا تهرب الملياردير المذكور من دفع ضرائب مستحقة عليه تبلغ 395 مليون دولار ،  وهي تهمة حقيقية وجهتها الحكومة الى دوغان الذي توجب عليه ان يدفع للدولة مبلغ 395 مليون دولار ضرائب، وتهرب منها وانكشف الامر عندما حصل انفصال  ما بينه وبين شركة اعلامية المانية اخرى.

غير ان حقيقة الامر هي ان الصراع و سياسي بامتياز، فدوغان هذا يوظف وسائل اعلامه المذكورة كلها ضد سياسات اردوغان، كما سبق وفعل مع اربكان مدعوما بقطاع من ضباط الجيش . وليس السبب كما قد يتسرع البعض ان الرجل علماني وضد الاحزاب الاسلامية، بل ان امبراطوريته الاعلامية تنتمي الى تلك  الشبكة الدولية العولمية لهذه الامبراطوريات الاعلامية والمالية التي تدخل كلها في دائرة واحدة هي دائرة المتعددة الجنسيات او العابرة للقارات التي يقول عنها المنظر الكبير هيربرت شيلر انها ” سلطة مشكلة مروية بالصالصة الاميركية “. شبكة  تدعم احداها الاخرى، وتتحرك كل منها على ساحتها المحلية. لدعم التيار المناسب لهيمنة العولمة الاميركية، ولمحاربة التيار الذي يتصرف بما لا يرضيها.   ولذلك تعيش جدلية خاصة مع  السلطات السياسية، تارة تخدمها، واخرى تصنعها، وطورا تفتح عليها الحرب.

من ايطاليا وبرلسكوني، الذي تشكل امبراطوريته اوضخ هذه الحالات لانه الاكثر مجاهرة، الى فرنسا ودور اللوبي الاعلامي في نجاح ساركوزي ودور هذا الاخير فيتصليب قبضته عليه، الى دول اوروبا الشرقية وخاصة رومانيا، الخ… معادلات ومراكز قوى لم يسلم منها العالمين العربي والاسلامي، فنحن نعرف قوة ما بتنا نمسيه بالباقات السعودية وتوابعها، كما نعرف ارتباط المحطات الفضائية العربية التي اريد لنا ان نصدق بانها مؤسسات خاصة اخرجتنا من عصر الاعلام الرسمي – ارتباطها التمويلي كل بنظام او بامير

انها شبكة عنكبوت واحدة ترمي بنفسها على الكرة الارضية كلها واي اضعاف لها في اي مجتمع من العالم هو اضعاف لها كلها.  ولا يتوقف هذا الاضعاف على المطالبة بالضرائب او تحديد الهيمنة والتجاوز او المحاسبة ومطلب الالتزام بالقوانين، بل انه يمضي الى امرين اعمق من ذلك: اولهما رفض اي حكم يقوم على منطق قومي، لان منطقا كهذا يعني احياء مبدا السيادة الوطنية، مع كل ما ينتج عنه من تقديم مصلحة البلد على مصلحة الشركات العابرة للقارات،وبالتالي الالتزام بالحماية.  وانتهاج سياسات مستقلة او حتى حليفة للسياسات الاميركية، لا تابعة لها دون سؤال.

والثاني وهو مرتبط بالاول هو العودة الى تقديم السلطة  السياسية على السلطة المالية، واذا ما كانت هذه الاولى نتيجة خيار ديمقراطي فانها ستلتزم حكما بمكافحة الفساد والعمل على اقرار حد من العدالة الاجتماعية. وفي هذين مقتل المستثمر المتغول.

بذا نفهم بسهولة لماذا ردت الجمعية الدولية للصحف، وبسرعة على مطالبة اردوغان لدوغان بدفع الضرائب المتوجبة عليه، بهجوم على ما اسمته  تعدي الحكومة التركية على حرية الصحافة. لتليها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري وزارة الخارجية الاميركية بنفسها مدينة الحكومة التركية باستعمال العبارة نفسها .

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون