هم بامس الحاجة الى ما يوحدهم !
عبارة تنطبق على كل العرب بعمومهم، كما تنطبق على كل قطر عربي بمفرده، حتى فلسطين التي لم تشكل \ولتها القطرية بعد.
هكذا تعرف كل الثنائيات والتعدديات ان تكون حرب بسوس لا تبقي ولا تذر. ولكنها في لحظة تاريخية ما تخاف من تجدد داحس والغبراء اذا ما خرجت منها. اللبنانيون يعيشون هذه اللحظة، يختلفون على كل شيء، ويتفقون على شيء واحد: الخوف من عودة الحرب الاهلية. يبحثون عن خشبة غريق توحد ولا يجدون،حتى موقع الرئاستين، لا يكون ان لم يفرض من الخارج، والخارج اليوم لا يهتم للوحدة.
وجدوها في فلسطين، من هو مقتنع وملتزم ومن يخجل من اظهار عدم الاهتمام او عدم التعاطف، ومن يريد التعويض عن فضيحة مصطلح : ” الحرب على اسرائيل ” في نشرات الايام الاولى للمعركة الحالية. شيء يذكر بالجو العام خلال التحرير في عام 2000
طلال سلمان، العتيق القليل الكلام، وجدها لهم. بايحاء او بمبادرة شخصية، لا يهم. المهم انه نجح في رمي الخشبة وجعل الجميع يمسكون بها.
نشرة اخبار مشتركة ! ما دلالتها وما قيمتها وما مردوداتها؟
هل في فرنسا او بريطانيا او روسيا او او…نشرة اخبار مشتركة ؟ هل تعني وحدة البلاد كامر مسلم به توحيد الكلمة الاعلامية، ام ان التعددية ونقاشها الحر هما ضمان الوحدة ؟
لا يحتاج من لا تكون وحدته معرضة للتشظي للتعبير عنها. ولا يحتاج من تكون تعدديته تعبيرا عن خيارات سياسية عقلانية فكرية لتوحيدها، ولا يتعرض من نسي الحروب الاهلية منذ قرن او قرون لاجتراح ابداعات لتلافيها. لكن من يرى وحدته مهددة وتعدديته خيارات طائفية ام مذهبية ام عرقية، لا دور فيها للمحاكمة العقلية، وحربه الاهلية مستعرة في كل بقع الجسد العربي، في حين لم تجف جراحها بعد في اللحم اللبناني، هو بحاجة لاجتراح اية ابتكارات ونبش اية مشتركات لابعاد شياطين الموت والدمار.
ليست قيمة النشرة التي استغرقت 45 دقيقة، في انها ستوحد القوات اللبنانية مع حزب الله والمستقبل مثلا… وليست قيمتها في ان سمير جعجع سيتحول من صبرا وشاتيلا الى غزة، وان التكفيريين سيتراجعون عن مخططاتهم للبنان وان حزب الله سينسحب غدا من سوريا والمستقبل سيوقف الدعم الذي بداه عقاب صقر للمعارضة السورية التكفيرية.
لكن هذه النشرة تحمل قيمة كبيرة بانه من الممكن، ولو في اطار النفاق السياسي اللبناني، مد جسور ما بين المستقبل وحزب الله، حيث لم يكن من الصدفة ان يبدا النشرة مذيعان من المنار والمستقبل. ولا مد جسور بين علمانيي تلفزيون الجديد ومتديني المنار، حيث شكل ظهور مذيعة الجديد ومعها مذيعات القنوات الاخرى، غير المحجبات، على شاشة المنار قفزة نوعية انفتاحية، كللها تصريح مدير المحطة بان فلسطين تقع – حتى في الفقه – فوق الاعتبارات الاخرى. افلا يضع ذلك سابقة لوضع الضرورات الوجودية الوطنية فوق الاعتبارات الاخرى ؟
كسر في الشكل من جانب المنار، وكسر للمسايرة من جانب الام تي في، وكسر تكتيكي من قبل المستقبل… لا باس ! المهم انهم استطاعوا ان يكسروا القوقعات، والاهم ان ما كسرها هو فلسطين !
في الابعد عمقا، تجل اولي، شكلي، افاد مما تمثله فلسطين لاطلاق ارهاصات صفقة ايرانية – سعودية – اميركية ( ولو جزئية ) قد تسبق مفاوضات تشرين حول النووي، تبدا بالعراق وتنتهي بلبنان ورئاسته. قد يكون الامر كذلك. لكن المهم انه سيجنب بلاد الارز الانفجار، او على الاقل يؤجله الى ان نتنهي الانفجارت العربية الاخرى، وبذلك يكون كسب مهلة لحلحلة الاوضاع.
في البعد الموازي، تخوف من تطال نار المعركة الاسرائيلية جنوب لبنان، وعندها ستكون المقاومة والجيش بحاجة الى تضامن عابر للمكونات اللبنانية، خاصة في الاعلام.
ولكن في البعد النهائي، ثمة ثابت لا مجال للهرب منه، هو ان فلسطين تظل لب القضية كل القضية، والهدف النهائي لكل الصراعات التي تعيشها منطقتنا والتي تدور من حولها.