الحقل اكتسى شقاائق النعمان وتحمم بشلال الدم والنار استعدادا لاستقبال الرئيس المنتظر. انه الربيع الذي لا اخضر فيه ولا ابيض، الربيع العربي الذي شاءه شبابه انتقالا من لون واحد الى كل الوان الازهار والنباتات والصخور، فاذا بقوى الظلام تلتف عليه لتجعل منه انفجارا بركانيا لا يعرف الا لاسود والاحمر.

منذ بداية الحدث السوري والكل يحدثنا عن اشتعال المنطقة، فهل اتخذ قرار رمي الشعلة في كومة القش المؤوية بالنفط؟ في يومين فقط يبدو الحريق وكانه اشتعل مرة واحدة في لبنان، في العراق، في الاردن وفي حلب. في بيروت اريد للاعتداء على الشيخين التابعين لدار الفتوى ان يشعل االفتنة السنية الشيعية في بيروت، لكن حكمة المفتي وحكمة المراجع الشيعية، وحتى الاحزاب السياسية، خاصة امل وحزب الله والكتل السنية المختلفة نزعت الفتيل ولا ندري الى متى. من تابع كلام مفتي الجمهورية وشيوخ الطائفة العلماء سمع كلاما واضحا عن مؤامرة تستهدف دار الفتوى نفسها،، ومضى احد شيوخ الدار الى تحديد وجهة الاتهام نحو الوهابية الاسيرية ( نسبة الى احمد الاسير، الظاهرة التي نبتت على قمامة الفتنة لا لشيء الا لتفجرها) سماحة المفتي كان واضحا في ادانة الشحن المذهبي سنيا وشيعيا، ولقاءاته مع المفتي العالم الجعفري وسائر رجال الدين والسياسة عبرت عن وعي كبير لدى الطبيقة السياسية والدينية التقليدية بما يتهدد البلد. ولكن هل ان هؤلاء هم من يمسك زمام الحطب والنار؟

في العراق، كانت المجزرة بحجم العراق، الذي بتنا ننسى دماءه لكثرة ما اعتدنا عليها. ستون قتيلا وما قارب االمئتي جريح، في يوم واحد. والاستهدافات مذهبية بامتياز وحديث عن عودة القاعدة الى ارض الرافدين. فهل سيكون السلاح الفرنسي البريطاني اللذي سيوزع على المعارضة السورية ( من غير الققاعدة) تمهيدا لعودة مجاميعها التي كانت تنشط في العراق الى الساحة العراقية واشعالها من جديد؟ الم تنشر جريدة لوفيغارو ان قائد القاعدة في سوريا هو عراقي من ال الجبوري؟ هل قوي عود المجموعات المسلحة في سوريا بحيث اصبح من الممكن عودة بعض الغرباء الى ساحاتهم؟ سؤال تعززه فتوى زعيم الجهاديين التونسيين بانسحاب جماعته وتوجههم الى الجزائر؟ وحديث الجزائر امر طويل اخر.

في الاردن، ايد خفية خبيثة ترمي الشعلة في الحطب، ولا ندري كيف تمت فبركة السبب وكيف تمت فبركة ردة الفعل، ولكننا نعرف منذ زمن ان الاردن مهدد بامتداد الحريق متى تقرر اشعال المنطقة كلها.

وليس من قبيل الصدفة ان يتزامن ذلك كله مع تشكيل حكومة المعارضة السورية، وعبور المعارضة المسلحة الى استعمال السلاح الكيماوي في حلب، تنفيذا لتوقعات كانت تدور منذ فترة طويلة  في الاعلام والدوائر السياسية الاجنبية، ومفادها ان يتم تزويد المعارضة بسلاح كيماوي واستعماله كي يتهم النظام به وبالتالي يتخذ ذلك ذريعة لتدخل اجنبي. او علىى الاقل لاجراء سياسي.

خريطة تشمل سوريا الطبيعية كلها، ولا بد انها جرس اعلان مرحلة جديدة في الصراع،مرحلة لا تنفصل عن زيارة الرئيس الاميركي. فهل ستقتصر هذه المرحلة على  محاصرة سوريا في المنظمات الدولية وصولا الى قرارات صعبة بحقها؟ ام انها ستتجاوز ذلك الى اشعال فعلي للمنطقة تمهيدا لخلط الاوراق واعادة رسم خريطة جديدة لها؟ اهي الحرب الاهلية يراد لها ان تشمل الجميع لتنتهي الامور بطائف جديد ( على نمط اتفاق الطائف اللبناني ) او بالاحرى الى سايكس بيكو جديدة؟ ام هي حرب اخرى من نمط اخر يراد للدول المحيطة بسوريا ان تدخل، جميعا، اتونها، وتتورط بها بطريقة اكثر جدية؟

هل كان اختيار كردي اميركي لرئاسة الحكومة المعارضة مجرد صدفة، ولماذا يتزامن ذلك مع مفاوضات تركية مع عبد الله اوغلان؟

خاصة وان كل الضغوط اتجهت لترتيب ذلك قبل مؤتمر القمة في قطر. وتسهيلا لما سيصدر عنه من قرارات، تذكرنا بقرار ادانة العراق قبل عدوان 1991. وتطرح سؤالا مركزيا: هل تظن بقية الدول العربية، ودول الخليج بشكل خاص، انها ستظل بمناى عن امتداد النار.

اي نار واي مشرط حاد ينتظر المنطقة! وكم علينا ان نفعل لتفادي نجاح خطته؟