الحليف الثمين

شؤون دولية، 05-03-2013

تحت عنوان: “الحليف الثمين” تكتب الصحافة الفرنسية عن الحرب المالية، وتقول لو فيغارو بالحرف: ” إن تورط تشاد في القتال في مالي يعطي صورة للرأي العالم الدولي بأن المسألة هي مسألة إفريقية – إفريقية، وليست مجرد تدخل أجنبي من قبل قوة غربية هي فرنسا ضد المسلمين، إنه يقول لهذا الرأي العام إن مسلمين يقاتلون مسلمين هناك، وكلاهما يرفع راية الرسول”. وفي هذا ما يفسر إعلان القوات التشادية عن أنها قتلت مختار بلمختار وعبد الحميد أبو زيد زعيمي القاعدة هناك، في حين صمتت الحكومة الفرنسية عن إعلان مشاركتها في العملية التي دمرت معسكر القاعدة في ايفورا. وبررت ذلك بخوفها على مصير الرهائن الفرنسيين لدى هذه التنظيمات. من دون أن يمنعها هذا التحفظ من نشر صور بلمختار تحت عنوان واضح التشفي: ” هذا الرجل كان يريد أن يجعل فرنسا ترتجف !”، وهو عنوان يرمي أيضا إلى طمأنة الرأي العالم الفرنسي الذي بات خوفه من انتقال عمليات ثأرية إلى أرضه يقض مضجعه ويؤدي إلى تراجع شعبية حكومة فرانسوا هولاند. خوف لم نشهده يوم غزو الفرنسيين لليبيا، فيما يؤكد حقيقة أن هذا الغرب الغريب لا يهتم لآلاف الضحايا التي توقعها جيوشه وحلفاؤها في أي مكان من العالم بشرط واحد ألا تمتد النار إلى أطراف ثوبه. وكأن نظرية المواطنين والبرابرة التي صاغتها الامبراطورية الرومانية لا تزال الأساس الذي يحكم العقل الغربي رغم كل الادعاءات الأخرى. وعليه لا يمكن أن يكون لحياة البرابرة، الذين يعيشون خارج أسوار الامبراطورية، قيمة تذكر، إذا ما اقتضت مصلحة روما القضاء عليها. ويكون الحال مثاليا، للحفاظ على حياة أبناء الامبراطورية، أن يقتل البرابرة بعضهم بعضا، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين.

هذه المعادلة تنقلنا إلى الوضع العربي، إلى ضرب العراق واحتلاله، إلى ما يجري على أرض سورية اليوم، حيث كان من الملح للغرب أن يتم القضاء على الجيش السوري وعلى المجتمع السوري باقتصاده ونسيجه الاجتماعي ومؤسساته بيد السوريين، كي لا يقول الرأي العام العالمي إن قوة أجنبية غربية قد جاءت مرة أخرى إلى أرض المنطقة لتكرر تجربة العراق. تجربة لم يعد يكفي هذه المرة أن تستعمل بعض الدول العربية كغطاء لها. فلا الأوضاع الداخلية تحتمل تغطية كهذه ولا الدولية، إذا فليرم الغطاء على ظهر سوريين وجهاديين نطلق عليهم اسم الثوار، ونحلهم محل الثوار الحقيقيين الذين أرادوا إصلاح نظام الحكم في بلادهم للوصول بها إلى حال أفضل. وهذا ما يفسر الصراع الحاد الذي دار منذ اليوم الأول للحراك، وعلى جميع الساحات بين أنصار الثورة السلمية البعيدة عن الطائفية والعنف وبين أنصار العسكرة والتدخل الأجنبي. كما يفسر إرسال فرنسا منذ الأسابيع الأولى وحداتها التقنية الخاصة، للتدريب في مجال الاتصالات والاستخبارات وإرسال أمريكا وحدات للتدريب عدا التورط الاستخباراتي والتسليحي لعشرات الدول، وترك السوريين في واجهة الحدث والإعلام، ومن ثم رفدهم بعشرات الآلاف من المقاتلين الجهاديين: عرب يقاتلون عربا ومسلمون يقاتلون مسلمين… والغرب يفرك كفيه في خلفية المسرح …خاصة وأن المال الذي يحرق هناك – كما الدم – هو مال العرب، وأن الحقد الذي يتشكل أهراما هو حقد العرب على العرب، مؤونة مستقبل طويل من الخراب، وأن المخرج يتقن تماما عملية التضليل الإعلامي التي تشوه الجميع وتضعهم في سلة واحدة…

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون