السمكة، الطعم والحرب بالوكالة

ثقافة، فنون، فكر ومجتمع، 23-12-2012

“تُخدع السمكة إذا ظنّت أنّ الصياد يرمي إليها ما يطعمها”

كرانكو برنابا (كاتبٌ مالي)

بهذه العبارة استشهدت الكاتبة الماليّة أمينة تراولي البيان الذي أطلقتهُ بمناسبة يوم العنف ضدّ المرأة. البيان حمل عنواناً لا علاقة له بنون النسوة: “لنقل لا للحرب بالوكالة” حيثُ وضعت الإصبع على ما اعتبرته  “حقيقة رهيبة في الواقع الدراماتيكي المالي، ألا وهي توظيف وتجيير موضوع المرأة لتبرير التدخل الأجنبي في البلاد، بهدف الهيمنة على الثروات الهائلة التي تملكها” يقولُ البيان.

الكاتبة الماليّة التي تعيشُ بين فرنسا ومالي استاذةً جامعيّة وكاتبة نشرت بيانها باللغتين العربية والفرنسية مُركّزة على مسألةِ استغلال العُنف ضدّ النساء الإفريقيّات لتبرير العُنف على إفريقيا، ومُعتبرةً أنّ ثُلثي نساء مالي يُعانين من ثلاث أُصوليّات: الأصوليّة الإجتماعيّة الراديكاليّة، الأصوليّة الإقتصديّة المُتمثّلة في مبدأ “كُلّ شيء سوق” وأخيراً الأصوليّة السياسيّة عبر الديمقراطيّة الشكليّة الفاسدة والمُفسدة. مُوجّهةً الدعوة: “علينا نحن النساء ان نلعب دوراً تاريخيّاً في حماية حقوقنا ضدّ هذه الأصوليّات الثلاث وفي نفس الوقت الحؤول دون استعمالنا ذريعةً لتدمير بلادنا. تدميراً أصبح الغرب يتجنّب أن يقوم به بشكل مُباشر لأنّ الغربيّين لم يعودوا يُريدون أن يَروا أبناءهم يموتون، ولذلك يلجأوون إلى الحرب بالوكالة، حربٌ يُموّلها الأفارقة ويموت فيها الأفارقة من ماليّين ومُتدخّلين”.

فجأةً -تقول تراولي- تفطّر قلب الجميع على نساء مالي، فإذا بهيلاري كلنتون تُصرّح من أديس أبابا بأنّ استمرار العُنف ضدّ المرأة في أقريقيا يُشكّل مصدر قلقٍ خاص لنا. ليتبعها بان كي مون بمُبادرةٍ لوقف العُنف ضدّ المرأة تولي اهتماماً خاصّاً لنساء أفريقيا الغربيّة- حيثُ المناجم – تُعلّق تراولي- في حين يكونُ جاك أتالي أكثر صراحةً فيُحذّر من التعرّض للمصالح الغربيّة في مناجم اليورانيوم في النيجر ويرفُض فرانسوا هولاند في الؤتمر الرابع عشر للفرانكوفونيّة في كينشاسا أيّ حلٍّ سلمي في مالي. ولعلّهُ في زيارته الأخيرة للجزائر حاول إقناع الرئيس بوتفليقة بالمُشاركة في الحملة الأفريقيا على هذه البلاد الغنيّة-الفقيرة وذاك ما فشلت في تحقيقه هيلاري كلنتون في 29 أكتوبر الفائت.

” شباب الأفارقة كانوا يحلمون بحياةٍ أفضل، ذُكوراً وإناثاً، الآن وُضِع في أيديهم سلاح ليقتل بعضُهم بعضاً في حربٍ بالوكالة يُجنّدُ وضع المرأة ذريعة من ذرائعها”، تقولُ الكاتبة لتتركنا نتوقّفُ ونُفكّر مليّاً في كلّ الذين دبّت فيهم الغيرة خلال الأسبوع الماضي- بل ومُنذ سنين-  لإثارةِ موضوع العُنف ضدّ المرأة في بلادنا، والغريب أنّها حميّة تسير بوقود التمويل الأجنبي الذي لا يُمكن أن يكون عطاء جمعيّةٍ خيريّة، فليس هُناك من يسفح مالهُ بدون مُقابل، مُقابلٌ إن لم يكُن تبرير حرب بالوكالة كما تقول تراولي يكون في أبسط الحالات تشويه صورة تمهيداً لبندٍ في مُخطّط لا يُمكن له أن يلتقي بأيّ حال مع الحرب ضدّ أُصوليّة السوق أو أُصوليّة الديمقراطيّة الشكلية الفاسدة والمُفسدة.

“ندعوا كُل من يُشاركنا هذا الصرّاع ضدّ كل الأصوليّات في أفريقيا وخارجها أن يضُمّ صوته إلى صوتنا ليقول لا لها، لهذه الحرب التي تلوح في الأُفق، لكُلّ الحروب التي تهدف إلى نهب خيرات الشعوب ودفعها إلى الوراء”.

بهذ النداء ختمت الكاتبةُ الماليّةُ الفرانكوفونيّة بيانها، فهل نسمعه؟ وهل فعلاً نضُمّ صوتنا إلى صوتها بشكلٍ يتصدّى عمليّاً لهذه المهزلة -المؤامرة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون